صحيفة الكترونية اردنية شاملة

‘مداميك ديمقراطية’

0

* خاص بالمقر

عادة ما كان التجاذب التنظيمي والاستقطاب الاجتهادي عند الاستحقاق الانتخابي لاختيار قيادة الجماعة او الحزب, ليس هذا حصراً على الحركة الإسلامية وحدها بل ان الانتخابات بعمومها كانت تكشف عن تنازع مجتمعي داخل التحالفات السياسية وداخل الحزب الواحد أحياناً دعك من الشروخ التي تنشأ على شاطئ الانتخابات وتضرب اركان المكونات المجتمعية المحترمة وداخل العشيرة الواحدة وخاصة وتحديداً بعد العمل ب “قانون الصوت الواحد المجزوء” سيء الذكر.

لا تعني هذه المقدمة باي حال أن الخلل يكمن في العملية الانتخابية المجردة ذلك أنها – اي الانتخابات – لا تُنشأ الخلافات ولا تُؤسس للنزاعات بقدر ما تكشف عن وجودها وتبرز النوازع النفسية والقابلية البدائية لعدم القبول او التسليم بنتائج الصندوق, ما يعني ان ثقافة التداول وارادة الإحتكام لرأي الاغلبية كانت مغيبة بقصد وإصرار لبقاء الذرائع التي تستهدف النيل من المجتمع والشعب بحجة أنه – اي الشعب – لم ينضج بعد ولم يتأهل لمرتبة الانتخابات النزيهة والخالية من انواع التزوير الخفية او المعلنة التقليدية او التي تحمل ابتكارات شيطانية جديدة ومتوالدة.

من يتبنى هذه النظرية هو المسئول عن وجودها واستمرار ترسيخ تلك النوازع والسلبيات ويكفي أن أحدهم وهو رئيس وزراء لمرتين خلال خمس سنوات بشر الشعب الاردني بانة بحاجة الى اربعين سنة يتيهون في محاضن الثقافة الديمقراطية حتى يصلوا الى مرتبة التداول السلمي للسلطة, علماً بان اسوء انتخابات في تاريخ الاردن حصلت اثناء ولايته الاولى.

بعد هذه المقدمة لا بد من الاشارة والإشادة بالانتخابات التي تتميز بها مؤسسات المجتمع المدني وفي مقدمتها النقابات المهنية حيث كان اللافت الابرز ما جرى في إنتخابات نقابة المعلمين اكبر النقابات الاردنية واكثرها تمثيلاً للمجتمع اذ تجلت كل معاني الديمقراطية والتعددية والتداول الصحي والتنافس البرامجي وتقديم الكفاءآت ورسم لوحة متقدمة في الوحدة الوطنية, حيث حصل التحالف الوطني الذي تشارك به الحركة الإسلامية على غالبية كبيرة – كنت شخصياً – اتمنى ان لاتصل الى نسبة ال 76% ومع ذلك فقد حضرت المرأة في التمثيل وحظيت بامانة سر النقابة وتوزعت المقاعد القيادية بين مكونات التخالف بل وحتى مع المنافسين الذين تم تمثيلهم في تشاركية واضحة ومتميزة في مجلس النقابة, هذا على الرغم من محاولات العبث والتخريب التي اعتادتها غرف العمليات المخفية وتديرها أشباح الفساد والامتيازات.

في نفس الإتجاه جرت انتخابات مجلس الشورى لجميع فروع حزب جبهة العمل الإسلامي بسلاسة ملحوظة وسط هدوء لافت للنظر وغابت عن هذه الإنتخابات مظاهر التحشيد او الاستقطاب والاهم من ذلك ما رافقها من حواريات داخلية ومراجعات جادة انتجت تدافعا على مستوى الرموز لا من اجل من سيتولى موقع الامين العام للحزب, ولكن من أجل إقناع واحداً منهم للقبول بالاجماع او شبه الإجماع, ودعوني اعترف ان هذه الحالة نادرة الحصول عنوانها من يقبل بتولي موقع الرجل الاول في الحزب, وقد كان الفرز الذي يسبق الانتخابات بعدة شهور يحصر التنافس بين اسمين من رموز الحركة.

لا ادري ولا احسب أن غيري يعلم من هو الامين العام القادم؟, ولكني على ثقة بأن حالة التفاهم والتوافق ستستمر وتضع الحزب امام تجربة جديدة تدفع بقدراته وفائض امكاناته نحو العمل والانجاز وتعزيز الحالة الديمقراطية والمشاركة الوطنية, وسوف تتجاوز الحركة الاسلامية كل العثرات التي تنشأ في طريقها او التي تُصنع لأجل اعاقتها, ونصيحتي لمن راهن على هرطقة الانقسام او وهم الانشقاق او بذل جهداً سياسياً أو إعلامياً لصناعة التشفي او تحقيق الاحلام أن يوفَر جهدة لعمل صالح واصلاح مستدام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.