صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الحكومة والقطاع الخاص.. شراكة من طرف واحد

0

منذ اليوم الأول لاستلام الحكومة الحالية لمهامها، والعلاقة مع القطاع الخاص تتجه نحو التأزيم في كافة المجالات؛ فالحكومة، برئاسة النسور، وضعت نصب أعينها معالجة عجز الموازنة من خلال إجراءات مالية سريعة من دون الالتفات إلى تداعياتها على بيئة الأعمال في المملكة عامة، وعلى المناخ الاستثماري خاصة.
اليوم باتت العلاقة بين القطاعين العام والخاص أمام تحديات كبيرة، أدت إلى زيادة فجوة عدم الثقة بينهما، والسبب في ذلك أن الحكومة تمارس مفهوم الشراكة من خلال المشاركة في عوائد القطاع الخاص، بصرف النظر عن مدى تأثر رجال الأعمال والشركات بتداعيات سلبية تساهم في الحد من نموها لا بل من استمرارية بعضها.
الأمر لا يشمل قطاعا واحدا دون الآخر، فالحكومة لا تتوانى عن تعكير علاقتها حتى مع القطاعات التي تعتبر “الدجاجة التي تبيض ذهبا”، فالمهم توفير عائدات سريعة للخزينة المثقلة بالديون.
الحكومة استغلت حالة الضعف الشديد التي تعاني منها مؤسسات القاع الخاص وغياب الإعلام المسؤول وواصلت سياستها أحادية الجانب في اتخاذ القرارات المالية؛ فمن رسوم الملابس والحديد وضريبة الاتصالات والخلوي وزيادة التعرفة الكهربائية ورفع رسوم عدد من السلع والخدمات، وصل بها الأمر إلى الاستقواء على شركات الاتصالات التي تمثل نخبة الاستثمار الاجنبي في المملكة، وضربت بعرض الحائط كل مفاهيم الشراكة، من خلال وضع رسوم على تجديد الرخص يناهز ثلاثة أضعاف قيمتها الحقيقية.
قد تنجح الحكومة في الحصول على إيرادات جديدة، وفق منطق الجباية التي تمارسه ضد القطاع الخاص، لكن هذا النجاح لن يتحقق سوى على المدى القصير، لأن المؤشرات تدلل بوضوح على أن المستقبل لهذه الشركات بات على المحك.
كبريات الشركات اليوم رفعت قضايا على الحكومة، سواء في التحكيم أم في المحاكمة القضائية المحلية، مثل شركات “اورانج” و”زين” و”أمنية”، والكثير من هذه الشركات تفكر جديا اليوم في إعادة النظر في مجمل استثماراته في المملكة، مثل المستثمرين الفرنسيين، والسبب الرئيسي يعود إلى عجز الحكومة عن التواصل معهم من جهة، والاستقواء عليهم من جهة أخرى.
الحكومة تشارك القطاع الخاص في ندواته وفي حفلاته، لكن في الخطط والقرارات المالية والسياسات الاقتصادية فهي تمارس حقها منفردة باتخاذ الإجراءات، حتى أنها لا تبلغ القطاع الخاص بها من باب العلم فقط، مثل ما حدث بعد الجلسة الحوارية التي أعدتها غرفة تجارة عمان للمشاركة بوضع تصورات حول الخطة العشرية بمشاركة معظم فعاليات القطاع الخاص ووزراء من الحكومة، ليتفاجأ الجميع بقيام وزارة المالية بفرض 1 بالمائة رسوما جديدة على البضائع المعفاة.
ما فعله الملك في السنوات الأولى من عهده كان يهدف، أساسا، إلى تمتين أواصر العلاقات التشاركية بين الحكومة والقطاع الخاص، بما يخدم عملية التنمية المستدامة، وقد نجح فعلا في ذلك وبات القطاعان مثالا حقيقيا على المساهمة المشتركة بوضع تصورات المسيرة الاقتصادية، لكن المؤسف بالأمر أن حكومة النسور دمرت جدار الثقة في العلاقة بين القطاعين، وهدمت بأشهر قليلة ما تم بناؤه في السنوات الماضية.
[email protected]
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.