صحيفة الكترونية اردنية شاملة

مؤامرة على ‘المواصفات والمقاييس’

0

ثلاث دول في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا تشهد تجاوزات كبيرة على المواصفات والمقاييس لديها بشكل فاضح وتصبح حديث الشارع، وهي اليمن واثيوبيا والاردن.
للاسف نحن في الاردن من اكثر البلاد التي يتم فيها الحديث عن الخلافات التي تدور بين المستورد ودائرة المواصفات على مدى انسجام عينات الفحص المستوردة للمقاييس والمواصفات المقرة من قبل الحكومة والتي هي اصلا مواصفات عالمية مطبقة في جميع دول العالم، ورغم ذلك فالخلافات مستمرة ولا يمر يوم دون أن نسمع عن احتدام الخلاف بين جهة ودائرة المواصفات لدرجة تصل في بعض الاحيان الى التهديد.
غريب ما يحدث في الأردن، فلدى المواصفات والمقاييس تعليمات وأنظمة واضحتين وضوح الشمس، ولا تحتاجان إلى اجتهادات، فأي سلعة كانت يجب ان تخضع لمعايير الفحص والتأكد من مدى تطابقها للمواصفات الاردنية المعلنة وغير السرية، والهدف النهائي منها في المملكة وباقي دول العالم هم ان تضمن الدولة دخول سلعة ذات جودة عالية وتتمتع بمعايير الصحة والسلامة والامان، وألا يكون لها اي انعكاسات سلبية لناحية الاستهلاك او صحة الانسان.
اكثر شيء يثير الجدل في هذا الامر ان الجميع يعلم بالمواصفات والمقاييس، ورغم ذلك يصر الكثير من المستوردين من مختلف الشرائح على استيراد سلع مخالفة للانظمة والتعليمات، لا بل ان بعضها فيه ضرر كبير بصحة وسلامة الانسان، وتشكل خطرا كبيرا عليه، ويحاولون الضغط على مؤسسة المواصفات لادخالها، وتشكيل لوبي اعلامي واقتصادي عليها لتمرير العينات.
دهشت وانا اطالع عينات الفحص التي تم رفضها من قبل دائرة المواصفات والمقاييس مؤخرا، فهناك مواد إسعاف منتهية الصلاحية كانت ستذهب للمستشفيات ومراكز الرعاية الصحية، وهناك لعب الاطفال المسرطنة و”المتعفنة”، وعبوات الحليب منتهية الصلاحية، ومحابس اسطوانات الغاز التي تم تزوير شهادات المنشأ لها، وهناك الخراطيم (البرابيش) المستخدمة للري، والتي تحمل موادا مسرطنة من اعلى الدرجات التي في حال حملها من قبل امرأة حامل فان ذلك يعرضها للاجهاض المباشر، وغيرها من عشرات عينات السلع التي سقطت في فحص المقاييس نتيجة لمخالفتها للمواصفات.

اليوم المشهد يتكرر من جديد، فبعد اسطوانات الغاز الهندية التي استوردتها المصفاة وثبت في كل مختبرات الفحص الداخلية والخارجية انها مخالفة للمواصفات الاردنية ولا تحمل معايير السلامة وتم ايقاف تداولها في السوق من قبل دائرة المواصفات، ها هم تجار الملابس يشنون ابشع أنواع الهجوم والنقد للدائرة لسبب بسيط وهو ان بعض عينات الملابس لم تنجح في الفحص ومطابقة المواصفات الاردنية بسبب المواد المسرطنة التي تحتويها، والتي تشكل اذى صحيا واقتصاديا كبيرا على المواطن الاردني، ومع ذلك يصر التجار على ادخال الشحنات لبيعها للاردنيين باعتبارها ماركات عالمية.
في الحقيقة ان قانون دائرة المواصفات والمقاييس ما يزال عاجزا عن استكمال دور الدائرة الرقابي وتعزيزه، فالامر لا يتم تجاوزه بمخالفات مالية بسيطة بحق من استورد تلك العينات المؤذية لصحة الانسان والمدمرة للاقتصاد الوطني، فالاساس ان تتبع المخالفات بملاحقات قضائية بحق المخالفين الذين ارادوا سوءا بالمستهلك الاردني، فالسلع المخالفة للمواصفات الاردنية لا تقل خطورتها عن خطورة المخدرات والسموم التي تدخل الى الاردن.
هناك قلة ممن تسيئ للعملية الاقتصادية وتتعدى القانون، ولا تحكم ضميرها في ما تقوم به، ومع ذلك فان ما تقوم به دائرة المواصفات والمقاييس ومديرها العام الدكتور حيدر الزبن يعد ثورة بيضاء نحو تعزيز العمل المؤسسى الرقابي على الاقتصاد الوطني، والثورة بدأت من داخل المؤسسة لتمتد بعد ذلك الى خارجها، وما حققته من انجازات تسجل في تاريخها من جهة، وتشكل تحديا لها في الاستمرارية، نظرا لتكالب لوبيات من ضعفاء النفوس لتشويه صورتها وتجاوز دورها.
[email protected]

[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.