صحيفة الكترونية اردنية شاملة

قانون الاحزاب وماذا بعد؟

0

خاص بصحيفة المقر
في تبرير الحكومة للتغييرات العميقة على قانون الاحزاب عام 2008 برز القول بان ” تقوية الحياة الحزبية بحاجة الى تطوير بنيوي يضبط حالة التشظي من خلال تشريع قانوني ينهي حالة الزحام الشديد المعيق للحركة السياسية والمعطل لحالة التدفق الانسيابي الشعبي نحو اطر العمل الحزبي “
ادرك ان الهدف النهائي لتطوير التشريعات القانونية هو ” انتاج مجتمع مدني متمكّن وقادر على احداث نقلة نوعية تشاركية تسهم في تقوية الدولة بكل مؤسساتها وتنوع سلطاتها”, والحال كذلك فان المراجعات الجادة لمجمل السلوك الرسمي قبل الشعبي يستوجب قراءة الواقع وتحليل المعطى الميداني والنظر الاستشرافي الى المستقبل المنشود والاستفادة من عثرات التجربة وسلبياتها, على ان لا يتحول الاردن الى حقل تجارب تكون البدايه فيه دائما من لحظة صفرية تتجاهل الحاضر والماضي, فالمختبر السياسي لم يعد يحتمل المزيد من النظريات الفراغية والمراهنات الفاشلة او المزايدات العابثة التي شكلت واقعاً مشوهاً يصعب تجاوزه باعتبار امتيازاته حقوقاً مكتسبة لجزء محدود من المكون الكلي للمجتمع والدولة,
التعديل الذي اعتبره البعض مجزرة حزبية حزبية عام 2008 وخرجت بموجبه عشرات الاحزاب من الساحة السياسية, خروجاً نهائياً بلا عودة, تعرض لنقد شديد قبل وبعد واثناء اقراره بصفة قطعية, كان لافتاً للنظر حالة العبث والمزايدة التي مارستها اغلبية النواب ليس في تمرير مشروع القانون كما جاء من الحكومة فقط وإنما في تغليظ القيود والشروط اللازمة عند تأسيس الأحزاب او لضمان بقاء القائم منها, فاللجنة القانونية في مجلس النواب استمعت لرأي الاحزاب وابدت تفهما لمطالبهم ووعدتهم بانجاز صيغة توافقية يجمع بين مطالب الاحزاب ولا يتجاهل الأسباب الموجبة التي قدمتها الحكومة وفي مقدمة تلك الموجبات رد الاعتبار للمؤسسة الحزبية وقدرتها على تجسيد الحد الادنى من التمثيل الديموغرافي الاردني, وكانت النتيجة قرار مجلس النواب بمضاعفة العدد المقترح من الحكومة للهيئة التاسيسية للحزب, فبدلا من اعتماد صيغة انتقالية تقع بين مقترح الحكومة ومطالب الاحزاب وتحدد عدد المؤسسيسن ب مائة وخمسن عضواً – وهو العدد المقترح من الحكومة في مشروع القانون الجديد – اقر المجلس خمسمائة عضو كحد الادنى لتاسيس الحزب او استمراره,
المهم في التجربة هو عدم قدرة الضابط التشريعي على تحقيق مقاصد المُشَرع حيث عادت الاحزاب الى التكاثر والتناسل وبقي الزحام في الشارع السياسي الضيق, وذلك ببساطة لان التشريع عندنا له هدفان باطن وظاهر, والغريب ان الضمير المستتر الذي تتحكم به اشباح قوية وتقف خلف اصدار اهم القوانين والتشريعات وتقدَم الحسابات الصغيرة عند هندسة القوانين, اقوى من كل ما هو ظاهر ومعلن, اذ ان الاجدر بدولة تعاني من زحام حزبي واعاقة في الحركة ان تلجأ الى تطوير البنية الفكرية والذهنية الامنية وتوسيع الشارع السياسي كي يستوعب الموجود ويستقبل المفقود ولتنظيم التدفق الحزبي الجديد, وترك مهمة الحكم على واقع الاحزاب ومستقبلها لارادة الشعب المتمثله بانتخابات خالية من التزوير بكل انواعة.
ما يعنينا ماذا بعد؟ فهل الاكتفاء باصدار قانون احزاب يضخ العشرات من المكونات الساسية الجديدة كفيل بتطوير الحياة الحزبية المتصحرة؟ ام ان الامر يحتاج الى تطوير شمولي ناتج عن قناعة وارادة وقدرة على عملية احياء حزبي وسياسي, تتوقف بموجبها الحسابات الانانية المرتبطة بالمكتسبات والصلاحيات والمصالح واطلاق الخيال الابداعي والتفكير التنويري في دولة ليس في مكوناتها الداخلية ما يهدد النظام او يسعى للاطاحة به حسب زعم الجهات التي تعطل الاصلاح وتحيل الخصوم السياسيين الى “محكمة امن الدولة ” .
ثم ماذا بخصوص الدعم المقرر للاحزاب من الدولة؟ وهل ستبرز ظاهرة الاسترزاق عن طريق العمل الحزبي؟ ذلك ان مسالة فتح ” دكاكين حزبية ” تنحصر مهمتها على تاييد السياسات الرسمية مقابل خمسين الف دينار سنويا تعتبر لدى البعض تجارة مضمونة النتائج ودون اية مخاطر, ولكنها نوع من الفساد المالي والاداري الذي يعاني منه الاردن.
ويبقى الاهم من كل ماذكر وهو قانون الانتخابات النيابية بنكهته الاردنية ” الصوت الواحد المجزوء “الذي صمد امام كل العاديات والانتقادات وخاصة بعد ان تركناه خلف ظهورنا ودفناه عدة مرات, وفي كل مرة يخرج من تحت التراب والرماد مثل المارد الجبار باعتباره احد ثوابت الحياة السياسية في الاردن وبقرة مقدسة لا ينبغي الاقتراب من محرابها الا بكل خشوع وخضوع واستسلام, والنجوى في هذا الموضوع يحتاج الى هدية بين يديهاو صدقة !!!! حتى لا تلفق التهم الكبيرة بزعزعة الكيان الاردني او محاولة الاطاحة بالهوية الاردنية.
ولكل اجل كتاب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.