صحيفة الكترونية اردنية شاملة

بين الولاء والكفاءة

0

خاص بصحيفة المقر

في لحظة التحولات الكبرى التي رافقت انطلاقة حركة الربيع العربي, وسجلت انعطافة حادة في مسار الاحداث, وتجلت بالقدرة على التغيير والتعبير اختصرها الشيخ التونسي في عبارته المشهورة :

“لقد هرمنا بانتظار هذه اللحظة التاريخية ” تلك العبارة اختزلت عقودا طويلة من الالم والمعاناة الناتجة عن فائض القمع والاستبداد والتخلف والفساد والحسرة التي ملات النفوس والبؤس الذي تحكم في مصائر العباد والبلاد وارهقها باثقال التخلف والانكسار.

بعد ان فسدت الحياة واصبح ما فوق الارض يساوي ما تحتها “وحسبُ المنايا ان يكن امانيا” تراكمت معاني التغيير والاستعداد للتضحية وكان تجمعها مثل حبات المطر الهادئة حتى اذا ضاقت الدنيا واستحكمت الحلقات لم تستطع سدود السلطة ان تقف امام السيل الهادر وانما السيل اجتماع النقط .

لم يكن كافيا ان تنزاح الغيوم المتلبدة الكثيفة من الفضاء السياسي, وكان لا بد من مسار الزمن ان يستكمل دورته وان يؤسس لثقافة الحرية والانعتاق, وتطهير النفوس من آثار الظلم والكبت وقيود الذل والتبعية.

في الداخل الوجداني تفاعلت مخلفات السنون الطوال وترسبات الثقافة الابوية السلطوية الاستبدادية مع النزوع الجارف نحو قيم الفطرة السليمة واشواق الحرية, تلك المعاني التي حلم بها الشعب وكانت من المحرمات ولم يتذوق طعمها عبر اجيال متلاحقة, بفعل القمع والاضطاد وثقافة الفراعنة والاستبداد, لخصها حوار رمزي

بين بين مدير وثلاثة موظفين في العمل, حيث سال المدير : هل 2+2= 5 … ؟؟؟

أجاب الأول : نعم يا سيدي = 5

أما الثاني فأجاب بقوله : نعم يا سيدي = 5 … إذا أضفنا لها 1

و الثالث قال :لا يا سيدي هذا خطأ فهي = 4

وفي اليوم الثاني لم يجد الموظفون زميلهم الثالث في العمل وبعد السؤال عنه علموا أنه تم الاستغناء عنه …

فتعجب نائب المدير وقال للمدير :ياسيدي لم تم الاستغناء عن الثالث ؟

فرد المدير قائلاً :

فأما الأول فهو كذاب ويعلم أنه كذاب ومنافق ( وهذا النوع مطلوب واما الثاني فهو ذكي وجبان وهو مطلوب لقدرته على تسويق الاخطاء, واما الثالث فمرفوض لانه مصدر تحريض, ولذلك اقيل).

البعض يريد ان يعود الزمن الى الوراء ويصدق بان 2+2=5, وان الولاء في الدولة مقدم على الكفاءة.

واخرون مستمرون في نضالهم وعيونهم على المستقبل وهم لا ينتظرون المهدي المنتظر ولا ان يعود صلاح الدين الايوبي ليجدد حطين او شبه حطينا.

المدافعة اليوم على اشدها واقطابها شعوب سئمت حياة الذل والانكسار وتريد الحرية وحق الاختيار وبين فئة تريد ان تعيد الشوب الى سجن القهر والعبوية.

بين الخيارات الجذرية الصفرية القاسية لكل طرف من اطراف المعادلة في كسر ارادة الآخر تكمن خيارات اخرى, تقوم على اسس الحوار والشراكة والتعددية ورفض المنهج الاقصائي الاستفرادي.

في زمن الاستهداف الصهيوني المتربص بالدول فان المخرج الآمن للمجتمعات العربية التي لم تصنع عقدها الاجتماعي والسياسي يتمثل بخارطة توافقية تتلاقى فيها الارادة الشعبية والرسمية, وتتوزع فيها السلطات والصلاحيات.

وخلافا لذلك فلا تستطيع اكبر قوة في الارض مهما علا شانها ان تتحكم بمسار الزمن او ان تضع حدا لنهاية التاريخ, ف لحظة الانفجار مفاجئة لا تنتظر ولا تستأذن, والعاقل من اتعظ بغيره واصلح قبل فوات الآوان .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.