صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الرهان على انتهاء أزمة منطقة اليورو خطوة متعجلة

0

الأزمة انتهت، انتهت تماما وبصدق. على الأقل كان هذا حكم السوق على منطقة اليورو. حتى الآن كان الوضع يميل إلى الهدوء بالتدريج خلال معظم العامين الماضيين، والخطوات الأخيرة تجعل الحكم لا لبس فيه.

لنأخذ اليونان التي تسببت في الأزمة في تشرين الأول (أكتوبر) 2009، بعد إعلان رئيس وزرائها الجديد آنئذ، جورج باباندريو، أن عجزها بلغ 12.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، أي ضعف ما كان سلفه يزعم.

وأولئك الذين قاموا بشراء سندات الحكومة اليونانية طويلة الأجل قبل أن يقول باباندريو هذا بوقت قصير، سيكونون الآن قد حققوا أرباحاً (ولو بعد رحلة مثيرة للغاية).

أو لنأخذ إيرلندا التي حصلت على عملية إنقاذ مذلة عام 2010. في مرحلة معينة كان الفرق بين عوائد السندات الإيرلندية وسندات الخزانة البريطانية أكثر من 10 نقاط مئوية – لكنها الآن عند مستوى التعادل من الناحية العملية، وعادت حيث كانت قبل الأزمة.

مثل هذه التطورات لن تكون مفهومة إلا إذا قرر المتداولون أن خطر خروج أي بلد – حتى لو كانت اليونان – من اليورو قد انخفض إلى الصفر.

بالتالي، حكم السوق هو أن الأزمة التي ألحقت الضرر بالحكومات في البرتغال وإيطاليا وإيرلندا واليونان وإسبانيا، وساهمت في حدوث ركود وحشي في معظم هذه البلدان، قد انتهت بدون أية إجراءات ملموسة من البنك المركزي الأوروبي، ومن دون تطبيق أي من الإصلاحات الهيكلية التي كان يُعتقد أنها ضرورية، مع نمو ضئيل في الاقتصاد.

ليس هذا فحسب، لكن حكم السوق إلى حد ما يحقق ذاته بذاته. لقد كانت ديناميكية الأزمة هي أن فقدان الثقة بالجدارة الائتمانية لدولة سيدفع أسعار سنداتها للانخفاض وبالتالي يرفع من تكلفة خدمة الديون، ما يجعل جدارتها الائتمانية أسوأ تماماً. وفي الوقت الحالي، عائد السندات الإسبانية لأجل عشرة أعوام 3.07 في المائة، في حدود أربع نقاط أساس من أدنى عائدتها على الإطلاق منذ بدء اليورو عام 1999. لذلك ثقة السوق في حد ذاتها جعلت خدمة إسبانيا لديونها أسهل بكثير، وبالتالي تقليص الأزمة.

لكن التضخم في منطقة اليورو الأساسية انخفض إلى مستوى قياسي يبلغ 0.7 في المائة – ويبدو الانكماش خطرا قائما إلى حد كبير. ومعدلات البطالة تصل إلى نسبة كارثية تبلغ 20 في المائة أو أكثر في إسبانيا واليونان.

وفي الواقع انخفضت عائدات الشركات الأوروبية في الربع الأول من عام 2014، مقارنة بالعام السابق. والشهر المقبل سيشهد انتخابات البرلمان الأوروبي. ووصول كتيبة من أعضاء البرلمان القوميين والشعبويين قد يؤدي إلى تغيير الحسابات السياسية.

إذن، لماذا السوق واثقة تماماً أن الأزمة تم تجنّبها؟ السبب الرئيسي حتى الآن هو بالطبع البنك المركزي الأوروبي. قبل نحو عامين تعهد ماريو دراجي بفعل “كل ما يلزم” لإنقاذ اليورو، وهذا كان كافياً. وعلى عكس التوقعات، ومن ضمنها توقعاتي، لم ينظم المتداولون عملية بيع واسعة لاختبار عزم رئيس البنك، ولكن وثقوا بكلمته. هناك أيضاً أسباب سياسية. قبل عامين كان المسؤولون الأوروبيون يتكهنون علناً بخروج اليونان من اليورو، لكن منذ خريف عام 2012 تغيّرت التصريحات وقرر البنك المركزي الأوروبي وألمانيا الكفاح من أجل إبقاء اليونان داخل اليورو.

هذه الأزمة لطالما كانت سياسية. فمنطقة اليورو بالكامل في وضع أفضل في المالية العامة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. لكن المشكلة ما إذا كانت الدول الغنية ستكون مستعدة لإنقاذ الدول المثقلة بالديون.

وبعد المراهنة ذات مرة ضد هذا، رأى المتداولون حكمة المراهنة على أن ألمانيا ستحفظ منطقة اليورو سليمة.

والأحداث الجيوسياسية الأخيرة أدت إلى زيادة تقليص احتمالات عجز اليونان. كما أن السماح لليونان بالخروج من اليورو، وسط عدم اليقين الذي سببته الأزمة شرقي أوكرانيا، أمر غير وارد. فمن الواضح أن السياسيين لن يسمحوا بحدوث ذلك الآن.

لقد كانت الأزمة مخيفة جداً لأن عواقب تفكك اليورو، وهو حدث لم يسبق له مثيل، كان من الصعب جداً قياسها. وإذا تم إلغاء هذا الخطر، فإن سندات منطقة اليورو يمكن أن ترتفع.

هل أوراق منطقة اليورو المالية تعد صفقة مربحة بالأسعار الحالية؟ ربما لا. فيما يتعلق بالعملة الموحدة، تفوق مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 قليلاً على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأمريكي منذ خطاب دراجي المتعلق بـ “فعل كل ما يلزم”. فبعد أن كان اليورو أدنى من 1.20 دولار في عام 2010، أصبح الآن أعلى من 1.38 دولار. حدث هذا على الرغم من أن عائدات سندات الخزانة الأمريكية تجاوزت عائدات سندات الخزانة الألمانية بأكبر قدر منذ عام 2005. وبشكل عام ينبغي للمعدلات العالية أن تعمل على تقوية عملة ما عن طريق جذب التمويل إليها. ففي عام 2005، وهي آخر مرة كانت فيها عائدات السندات الأمريكية قوية نسبياً، كان يتم التداول باليورو دون 1.20 دولار.

وهناك أسباب فنية ليورو قوي، وهي أن الميزانية العمومية للبنك المركزي الأوروبي تتقلص في حين أن ميزانية الاحتياطي الفيدرالي لا تزال تنمو. لقد تم تخفيض العائدات على سندات الخزانة الألمانية بسبب التدفقات إلى بلدان مثل إسبانيا حيث كان المستثمرون يلاحقون الصفقات المربحة. لكن من الأفضل افتراض أن اليورو سوف يشهد تراجعاً.

وتبقى المخاطر. فمراجعة جودة الأصول لبنوك أوروبا في انتظارنا. وظهور مجموعة جديدة من السياسيين الشعبويين في أوروبا قد لا يحطّم اليورو، لكن يمكن أن يضيف عدم يقين جديد، ويبقي خطر الانكماش قائما.

كثيرون يأملون أن يؤدي هذا، مع اليورو القوي، إلى إجبار البنك المركزي الأوروبي على تطبيق نوع من التسهيل الكمي لشراء السندات على النحو الذي أفضى إلى دعم أسعار الأصول في الولايات المتحدة. لكن الاستثمار على هذا الأساس محفوف بالمخاطر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.