صحيفة الكترونية اردنية شاملة

مشهد فلسطيني جديد ..

0

عندما حشرت اسرائيل المفاوض الفلسطيني في الزاوية ، وحاولت فرض شروطها ، واولها شرط الموافقة على استمرارالاستيطان مقابل اطلاق الاسرى ، والاعتراف بيهودية الدولة ، لم يجد الرئيس محمود عباس بيده سوى ورقتين ، او خيارين ، اولها التهديد بحل السلطة ، وثانيها الهروب الى الامام نحو المصالحة الفلسطينية التي كانت حاجة ملحة لحركة حماس كما هي حاجة ضرورية للسلطة الفلسطينية .

واعتقد ان الرئيس عباس اختار الطريق الافضل لقضية الشعب الفلسطيني والاقل كلفة ، رغم الهستيريا المصطنعة التي اجتاحت الحكومة الاسرائيلية واحزابها اليمينية المتطرفة ، احتجاجا على توقيع المصالحة التي انهت الانقسام داخل الساحة الفلسطينية .

ولكن اسرائيل لم تتوقف عند حدود الاحتجاج والانتقاد ، بل قررت حكومة نتنياهو وقف المحادثات ، وهددت باتخاذ اجراءات اقتصادية وسياسية متشددة، وفرض عقوبات على السلطة وحسم ديونها فورا ، وتحصيل فاتورة الكهرباء من عائدات الرسوم والضرائب لوضع السلطة في ازمة مالية بحيث تعجز عن دفع رواتب الموظفين في موعدها ، اضافة الى فرض نوع من الحظر على تنقل بعض القيادات السياسية الفلسطينية داخل الضفة او عند خارجها ، بانتظار تراجع السلطة عن اتفاقها مع حماس ، وهو الشرط الاسرائيلي لاستئناف المفاوضات .

اما بالنسبة للادارة الاميركية التي اغضبها توقيع الاتفاق بين السلطة وحماس لم تستطع لوم الجانب الفلسطيني وحده ، فوجهت اللوم للفريقين وقالت ان القيادة في الطرفين غير مستعدة للتنازل من اجل التقدم في عملية السلام ، لأنها تعتقد ان عدم اطلاق سراح الاسرى واستئناف الاستيطان من الاسباب التي عرقلت مسيرة التفاوض ، اضافة الى الاتفاق بين فتح وحماس المعيق ، باعتقاد واشنطن ، لاستمرار المفاوضات . وقد اكد الرئيس اوباما انه لن يتراجع عن جهوده لتحقيق السلام في الشرق الاوسط . ويبدو ان الولايات المتحدة تشارك اسرائيل اعتقادها ان السلطة الفلسطينية وقعت على تفاهمات قديمة لم تتحقق ولن تتحقق ، ودعت القيادة الفلسطينية للعودة الى التفاوض .

ولكن الرئيس عباس الذي نخشى الرهان على قدرته الثبات على موقفه، تمسك بالاتفاق مع حماس وأصر على انهاء الانقسام، بانتظار تشكيل حكومة فلسطينية توافقية من التكنوقراط، تعترف بالمعاهدات والاتفاقيات الموقعة . وبذلك ترك نتنياهو يرقص التانغو منفردا بلا شريك ، لأن رئيس الحكومة الاسرائيلية يحاول ان يثبت لواشنطن والعالم ان ” ابو مازن ، ليس شريكا في عملية السلام ، التي حولها نتنياهو الى محادثات عبثية هدفها كسب المزيد من الوقت لتنفيذ الخطط الاسرائيلية الهادفة الى عرقلة قيام الدولة الفلسطينية وجعلها عملية مستحيلة على الصعيدين الجغرافي والديمغرافي .

امام هذا المشهد الفلسطيني الجديد ، من الواجب على الدول العربية ان تقدم كل الدعم والمساندة للسلطة الفلسطينية الواحدة الموحدة لتكريس الواقع الجديد ، ولكي تكون الدول العربية الظهير القوي للمفاوض الفلسطيني وللشعب الصامد في الداخل ، من اجل منح القوة للسلطة والشعب لجعل الاحتلال اكثر كلفة .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.