صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الحوار منهج وثقافة وادوات

0

خاص بصحيفة المقر

القراءة السطحية المجزوءة والمنتمية الى الثقافة الابوية السلطوية وضعت البلاد والعباد في ازمة اقتصادية عميقة, وناشئة عن فشل المناهج والسياسات التي استفردت بالقرار والنفوذ, وتمتعت بسلطات سيادية مطلقة, واقصت جميع انواع المشاركة الشعبية الحقيقة.

في لحظة التحولات السريعة, والتقلبات المفاجئة, تبرز لوحة من الكمون والترقب والتردد والارتباك والانتظار, تعبيرا عن حالة من العجز وغياب القدرة على ابداع مسار وطني كفيل بالخروج من عنق الزجاجة.

تلك القراءة المرتجلة لم تدرك بعد وزن النواتج والتكوينات المجتمعية الجديدة, ولا زالت تمارس تفردها بصنع القرار, وصياغة التشريعات, والتحكم بمفاصل الدولة ومؤسساتها, ومرشحة لانتاج المزيد من المقاربات الفاشلة لانها غير قادرة او لا تريد ان تتعلم من الدروس والعبر الوافرة التي وفرتها سنوات زاخرة بالمفاجآت والتقلبات.

ما تعرض له رئيس الوزراء د. عبداللله النسور يوم امس في محافظة جرش ليست حالة استثنائية معزولة عن مقدماتها التي تستوجب التوقف والمراجعة, وتشكل خروجاً عن النص التقليدي, له دلالاته الخاصة والمعبرة عن حالة الاحتقان والرفض.

بكل الاحوال وعلى الرغم من الاختلاف الواسع مع دولة الرئيس, ومعارضتنا لمجمل السياسات التي انتهجها في تكريس حالة الاستعصاء السياسي وعجزه عن مواجهة الجهات الاكثر منه نفوذا ووزنا في القرار سواء اكانت داخلية او خارجية – ما يؤكد هزلية الادعاء بما يسمى ( بالولاية الدستورية الكاملة للحكومة ) – , فضلا عن امكانية الانعتاق من قبضة صندوق النقد الدولي صاحب القرار بهيكلة الاقتصاد الاردني ومن خلال ديمومة رفع الاسعار, وتفكيك بنية المجتمع وزيادة معاناة المواطنين, على الرغم من كل ذلك فان اطلاق الحذاء ليس مقبولا ولا يشكل بديلا عن اطلاق الحوار, ولكن الاكتفاء برفض الواقعة او ادانتها دون معرفة الدوافع والبواعث ليس منهجا صحيحا, واذا كان المطلوب تجفيف منابع التعبير غير اللائق, فلا بديل عن الحوار.

نعم الحوار يستخدم ويوظف رسميا من اجل تبرير القرارت وفرض السياسات, وهذا هو الخطأ المنهجي, والحوار الصحيح هو الذي يصنع القرار ويشارك به الجميع, فكم من الاوقات التي ضيعت؟ والطاقات التي اهدرت؟ والاموال التي انفقت؟ على موائد الحوارات واللجان والمبادرات دون الاحترام لمخرجاتها ونواتجها فضلا الالتزام بتوصياتها.

عندما تغلق ابواب الحوار المثمر يلجأ الناس الى البدائل المستغربة, وعندما يشعر المواطنون بعبثية الحوار وانه لاجل المشاغلة وتقطيع الوقت, يعبرون عن غضبهم بطرق مفاجئة, وعندما تزداد القبضة الامنية يوما بعد يوم وتتوسع حالات التدخل الامني في مناشط الحياة المدنية والنقابية والطلابية, ومحاصرة “بوستات” في صفحات التواصل الاجتماعي, ويستدعى للتحقيق والتهديد والابتزاز طلاب على مقاعد الثانوية العامة, عندها لا تستغربوا مخاضات ومدافعات وتشكل فضاءآت جديدة من رحم المجتمع قادرة على تجاوز المكونات الرسمية والشعبية وانهاء حالة الشلل السياسي, واختراق جميع الاطواق والابواق والخطوط .

هذه الحقيقة تحتاج الى رعاية وعناية, اما المكابرة والمعاندة, فسوف تترك المستكبرين والضعفاء والعواجيز على رصيف الحياة, وهامش التاريخ.

اللافت للنظر تطور الحالة لدى بعض الابواق بالسخرية والاستهزاء من دعوات الحوار, وهم انفسهم كانوا قبل ذلك يعيبون على المكونات الشعبية لعدم انخراطهم بالحوار!!!!, واكثر من ذلك تلك اللغة الفوقية التي يستخدمونها وحالة الوصاية التي يتقمصونها, ومرتبة الاستاذية التي يمتطونها, الامر الذي يذكرنا بالمصطلحات الوافدة الى قاموسنا السياسي بامتياز ونكهة وخصوصية اردنية, فالانتهازية الرخيصة اوقدت الذهن بنحت العبارات والمصطلحات التي اصبحت مألوفة ومتداولة, فمن ( شعراء الطرب السياسي, وقوى الشد العكسي ونواب ال “ألوووو”, واحزاب الموالاة, وكتاب التدخل السريع, ومجموعات التحرك بالكبسة والريموت… الخ).

بالتاكيد هذه الحالة لا تسر صديقا, واذا كان ” الأباء ياكلون الحصرم والابناء يضرسون” فان الابناء قادرون على حراسة الحقل والبيدر ويمنعوا الاباء من تناول الحصرم حتى ينضج, الابناء لا يريدون الاشتباك مع الناطور ولكنهم يريدون العنب الناضج حتى لا تضرس الاجيال القادمة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.