صحيفة الكترونية اردنية شاملة

امن وحرية وانتخابات

0

خاص بصحيفة المقر

الاهتمام الذي رافق انتخابات الدورة الثانية لنقابة المعلمين والانتخابات التي جرت في الجامعة الاردنية وبعض الجامعات الاخرى, يكشف عن مدى التشوه الذي اصاب المجتمع المدني الاردني, وليس بعيدا عن كل ذلك ما جرى ويجري في انتخابات النقابات المهنية ، جملة الملاحظات التي تستوجب التوقف والمراجعة العميقة.

أن استمرار ضعف مؤسسات المجتمع المدني المحكومة بسقف التدخل الامني المباشر والتعسف باستخدام السلطة والنفوذ وامكانات الدولة لاحتواء تلك المؤسسات ابتداً من النقابات العمالية التي غابت عنها الانتخابات الحقيقية وغُيبت بالكامل عن المشهد الاردني المزدحم بالتحركات والتحولات طوال السنوات الماضية ، ومرورا ببعض الاحزاب الهامشية المدعومة او التي تم اختراقها واحتواؤها وغابت مواقفها وبياناتها ايضا عن مجمل الاحداث المحلية والاقليمية والدولية فضلا عن عجزها في التاثير بالجماهير الشعبية او قيادة المجتمع ، بالاضافة الى استهداف النقابات المهنية والاتحادات الطلابية لتقويض ما تبقى من نبض الحياة السياسية .

ما ظهر من التجاوزات في مرحلة الاعداد والتهيئة للانتخابات بالضغط على بعض المرشحين للانسحاب وممارسة اسوء انواع الابتزاز والتهديد بسحب الجنسية او الرقم الوطني ، او استغلال النفوذ لرسم النتائج الانتخابية ومحاولة التحكم بمخرجاتها – ما ظهر الا الجزء الاقل منها – .

ليس هذا التشخيص من اجل النيل من المجتمع ومؤسساته فهي موضع الاحترام, ولكن بهدف الوصول الى الاسباب التي افضت الى هذه الحالة, فالمناخ المزكوم الذي تصنعه القوى المحافظة وذات المكاسب والمصالح لا يمكن ان ينتج حالة صحية, هذا على الرغم من كثرة المبادرات والافكار والاوراق والهيئات والتشكيلات والادعاءآت بالتنمية السياسية والاصلاح الاداري, وكل ذلك يفتقد الى الارادة وهي بالتاكيد غائبة او مخدرة .

بقاء الحالة الراهنة يبقي الدولة الاردنية ضعيفة, , فالمعارضة الواهنة المستهدفة عاجزة عن الحضور المؤثر في الانتخابات او البرلمان, والحال كذلك لا يمكن ان نشهد حكومة قوية مع تعطل او تشوه خطوط الانتاج السياسي.

محاولات شكلية كثيرة اشغلت الرأي العام واثارت جدلا واسعا, دون نتيجة تذكر, وعلى الرغم من التعديلات في منظومة التشريعات الدستورية وقوانين الاحزاب والانتخابات والجمعيات بقيت الحالة مستمرة بالتراجع والانكسار.

الاردن اصبح مختبرا لانتاج الحالات الفاشلة, فالعنف المجتمعي الذي اجتاح القرى والمدن والارياف والجامعات ومجلس النواب كان نتيجة لعبث التعبئة الفاسدة التي فرقت من اجل ان تسود, والتوظيف السياسي لتلك المظاهر المؤذية لم يعد مقنعا لاحد, فمن اجل التوازن واحياء الحالة السياسية قبل تنميتها ينبغي اعادة التصنيع لبيئة صحية مشجعة تاخذ بيد الضعيف ولا تستهدف القوي, والمقاربة تحتاج الى ارادة وقرار سيادي يتجاوب مع صدارة المطالب الاصلاحية بكف القبضة الامنية عن مفاصل الحياة السياسية والمدنية ، قبل الاستغراق بالثرثرة حول منظومة القوانين والتشريعات.

كم كان هذا المطلب ملحا وضروريا ؟ اذ ان المشكلة ليست في النصوص فقط ولكنها في النفوس قبل ذلك ،

واذا كانت النفوس مريضة افسدت المجتمع وقادته الى الفشل.

استوقفني كثيرا الاسئلة التي تطرحها لجنة المقابلات في احدى الوزارات لامتحان المتقدمين للوظيفة ، فالسؤال الموجه للموظف عن رايه في زعيم الانقلاب العسكري في مصر الجنرال عبد الفتاح السيسي يحتاج الى تفسير، وما لفت نظري ايضا الهتاف الذي هتف به بعض الطلاب في الجامعة الاردنية بعد وصولهم الى رئاسة الاتحاد ” يحيا السيسي و…. فلان رئيسي”.

رمتني بدائها وانسلت, هكذا قيل قديما وهو ما ينطبق على حالة اليوم, فعندما تحصل التيارات والتوجهات على اغلبية ولوكانت بسيطة،- ولا تسال عن كيفية الوصول- يتم اقصاء الحركة الاسلامية بالكامل وبشماتة ايضا، بينما تقدم الحركة الاسلامية لوحة مشاركة وطنية في المجالات المتعددة.

الامر اخطر من حضور الحركة الاسلامية او اقصائها ، اذ لا بد من ثقافة المشاركة والحوار وممارسة تلك الثقافة وليس الاكتفاء بالشعارات ، حتى نستطيع التأسيس لحالة صحية ودولة قوية قادرة على مواجهة التحديات والتهديدات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.