صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الصين على الخطى الأمريكية في غياب الحوكمة

0

عند التعامل مع الصين، تغاضت الشركات والسياسيون في الغالب، عن أوجه القصور فيها في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية ومشكلات الفساد. في الواقع، إن الممولين والمستثمرين في آسيا معجبون بالطريقة التي ينجز بها نظام الحزب الواحد المهيمن الأهداف، وعلى النقيض من ديمقراطية الهند الفوضوية – وهي واحدة من أكبر الحجج ضد الهبوط الحاد، أو الشلل في التخطيط للاقتصاد.

وتسلط قصتان لشركتين في الوقت الحالي الضوء على الطريقة التي يتم فيها تقييم الفعالية والتحكم في الصين بشكل أعلى من المساءلة.

تدور القصتان حول شركتين مختلفتين للغاية تهيمن كل منهما في مجالها: بلومبيرج، للخدمة الإخبارية والبيانات المالية ومقرها الولايات المتحدة، وعلي بابا، المجموعة الصينية للتجارة الإلكترونية.

في بلومبيرج، أطلق الناشرون والتنفيذيون في أواخر العام الماضي قراراً بعدم نشر موضوع سياسي كبير يتعلق بالقيادة الصينية. وقد غادر عدد من الصحافيين والمحررين منذ ذلك الحين المجموعة. ثم قال رئيس مجلس إدارة بلومبيرج، بيتر جراور، الشهر الماضي: إنه “كان يجدر بالمجموعة أن تعيد النظر” في مقالات تحقيقية حول الصين، بسبب الضرر المحتمل لعمليات بياناتها في البلاد.

في الأسبوع الماضي لخص أحد رؤساء التحرير السابقين، بن ريتشاردسون، الذي غادر شركة بلومبيرج في الفترة الأخيرة، المخاطر في مقابلة مع “أتلانتيك”، فقال: “انعدام الشفافية والمساءلة يشعل نار الفساد المتفشي وانتهاكات حقوق الإنسان والجرائم البيئية. في الوقت الذي تصبح فيه الصين دولة عالمية، تصبح تلك القيم والممارسات في خطر الحصول على الانتشار في أماكن أخرى”.

إن عدم وجود المساءلة والشفافية، بدلا من الفساد، كانت له ظلال كبيرة في قصة إدراج مليارات الدولارات العائدة لشركة علي بابا، والمتوقع أن تتم هذا العام.

الأمر المثير للمفارقة هو أن هونج كونج، المكان الذي لم يعرف الديمقراطية قط، هي التي رفضت محاولة مجموعة التجارة الإلكترونية لإدراجها في البورصة، من خلال ترتيب إداري غير عادي تسيطر فيه على هيكل مجلس الإدارة.

ورأى كثيرون في المؤسسة المالية في المدينة أن أسلوب الحوكمة في شركة علي بابا، تقويض للمبدأ الأساسي لديمقراطية المساهمين – “سهم واحد، صوت واحد” – التي تعتبرها أمراً بالغ الأهمية لحماية حقوق المساهمين.

مع ذلك فإن شركة علي بابا يجري الترحيب بها بشدة في الولايات المتحدة. ادعاءات أمريكا بأنها الضوء الرائد في الحرية الديمقراطية، لا ينفي غياب خضوع الشركات للحوكمة والمساءلة بشكل عميق.

سيصوت مساهمو علي بابا في الولايات المتحدة بشكل متقطع على مرشحي المجلس، الذين تم التحري عنهم مسبقاً من قبل طليعة من إدارة علي بابا – التي تطلق على نفسها اسم “الشراكة” التي تدير المجموعة. هذا النوع من الديمقراطية المشددة للرقابة، أفضل نوعاً ما مما تقدمه الصين لشعبها، لكنه يحد من المساءلة.

قد ينظر المساهمون الغربيون بفخر إلى حرياتهم الديمقراطية في الحياة السياسية، ولكن عندما يتعلق الأمر بالسيطرة على الشركات، ينبغي أن يكونوا أقل راحة مع ما يحدث في الداخل. لقد تم إعداد المساهمين في الولايات المتحدة بالفعل ليتغاضوا كثيراً عن جانب المساءلة، أملا في تحقيق عوائد جيدة.

معظم التعليق على هذا يشير إلى شركات التكنولوجيا الأخرى التي لها قائد منظم للمشاريع، أو مبتكر بشكل جذري. المثال على ذلك وبكل معنى الكلمة هو شركة جوجل. إنها وبشكل مثير للدهشة، على وشك إضافة فئة ثالثة من الأسهم لحصصها القائمة من الفئتين A وB، التي سوف تسمح لمؤسسيها بالاحتفاظ بالسيطرة على أقل بمصلحة اقتصادية متناقصة باستمرار.

فئات الأسهم المزدوجة موجودة في الولايات المتحدة منذ سنوات، حتى في الوقت الذي حظرتها أسواق أخرى، أو ألغت الفرص لإدخالها.

يوجد في الولايات المتحدة أمثلة أكثر تطرفاً من المساهمين الذين يتخلون عن حقوقهم الديمقراطية. شركتا الأسهم الخاصة العملاقتين المدرجتين في البورصة، وهما كيه كيه آر KKR وبلاكستون، مهيكلتان على شكل ائتمان يعني أن المساهمين -أو حاملي الوحدات- لا يستطيعون التأثير على الذين يعملون في منصب العضو المنتدب، أو على القرارات حول الشركات.

هاتان الشركتان عبارة عن تكتلات هائلة من الشركات التي توظف مئات الآلاف من الناس، ومع ذلك يتمتع فقط حفنة من كبار المديرين فيها، أصلاً بالصلاحية لتقرير كيفية إدارة المجموعة.

يقول المحامون إن المديرين في أنواع من الشركات أكبر بكثير من ذلك تدرس كيف تستطيع، أو ما إذا كان بإمكانها، الفوز بمستويات سيطرة من هذا القبيل لأنفسهم.

المساهمون، كبيرهم وصغيرهم، في الولايات المتحدة وغيرها، يجدر بهم أن يكونوا على حذر. إن “نمط” شركات التكنولوجيا التي توجد فيها فئة مزدوجة للأسهم والسيطرة الكاملة لتكتلات شركات الأسهم الخاصة، يأخذ بالمزيد من الشركات بعيداً عن سيطرة المساهمين، حتى في الوقت الذي تكون ضمن ملكيتهم.

ربما تبدو الصين أكثر بلد غير قابل للمساءلة في العالم، لكن الولايات المتحدة تخلت أصلاً عن كثير من الحقوق الديمقراطية للمساهمين، على نحو يتجاوز ما يدركه معظم الناس، وربما تجد البلدان الأخرى أن من الصعب عليها أن تقاوم مثال أكبر اقتصاد في العالم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.