صحيفة الكترونية اردنية شاملة

صراع الارادات في ثنايا الانتخابات التركية

0

خاص بصحيفة المقر

الغيوم الكثيفة التي تلبدت في الفضاء السياسي قبل الإنتخابات البلدية في تركيا كانت تنذر بعواصف عاتية راهن البعض على التاثير في خيارات الشعب التركي وانتظروا لحظة اعلان النتائج إيذاناً بإعلان التخلص من خيارات الشعوب, والعودة الى نظام الاقطاع السياسي, واستخراج شهادة الوفاة للربيع العربي والإسلامي.

لم تكتفي بعض الجهات الدولية والاقليمية المتضرره من حركة التحول الديمقراطي بالمراهنة فقط, ولكنها

خاضت حروبا استباقية قاسية من اجل اجهاض مسار التحول العربي, ودخلت في معركة وجودية عنوانها (ان نكون او لا نكون), وحاولت ان تشتري بمقدراتها النفطية نفوذا اقليميا, بادوات وبرامج الاستعباد والاستبداد.

تقدير المواقف الخاطئة والقراءآت السياسية المشوهة قادت تلك الدول الى هذه المقاربات العبثية, وكان بامكانها -ولا زالت الفرصةُ قائمةً- ان تتشارك مع الارادات الشعبية, وان تحصن كياناتها من الداخل, والحصول على الشرعية الشعبية بدلا من الاعتماد على النفوذ الاميركي والاستقواء على الشعوب بالخارج.

تصدر حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب أردوغان لتلك الإنتخابات التي شهدت تحشيدا غير مسبوق فاجأت خلايا التأزيم الإقليمية التي عبثت بدول الربيع العربي, والأهم من كل ذلك أنها -اي الإنتخابات التركية- أكدت إخفاق نظرية الاستهداف والتشوية والقصف التآمري الثقيل إعلامياً وسياسياً, فكانت النتائج مغايرة تماماً لمراهنات المتربصين, على الرغم من فشل كل محاولات إقصاء التيار الإسلامي إلا أن الذين أدمنوا الخصومة والعداوة لهذا التيار وفقدوا توازنهم لم يعودوا قادرين على التخلص من موروثهم العدواني وثقافة الأحقاد المستوردة من نظرية صراع الحضارات وتصادم الثقافات.الفاشلة.

النجاح الباهر والتقدم الواضح للعدالة والتنمية لم يقنع بعض وسائل الإعلام المعارضة فتجاهلت كل الوقائع والحقائق ولم تعترف بالهزيمة في صناديق الاقتراع, بعد ان انتهى دور العسكر في اداراة الدولة والانقلاب على خيارات الشعب, وحاولت ان تتلاعب بالارقام والنسب وان تقرأ النتجة بطريقة مقلوبة.

الان وبعد ان فشل المراهنون على كسر الانموذج التركي, ما هي الخيارات المتاحة امام اصحاب القرار لرسم المشهد الاقليمي؟ .

الاستمرار في برنامج الاقصاء سيؤدي الى المزيد من الاستعصاء والدماء والدمار والخراب, وفي ذلك خدمة ومصلحة للمشروع الصهيوني المتربص, وسيخسر الذين يعولون على تعطيل حركة الشعوب بعد ان انطلقت ولن تعود الى الوراء.

واما الخيار الآخر فهو التصالح والتفاهم والحوار على المستويين الداخلي في كل دولة على حدة, والخارجي لرسم ملامح المرحلة والمنطقة بعزيمة وارادة المكونات الاساسية وبمعزل عن الكيان –الاسرائيلي- الطارىء لانه هو صاحب مشروع الشرق الاوسط الجديد الممهور بالتخلف والفساد والاستبداد.

طال الزمن اوقصر وسواء ازادت المعاناة المرحلية او حصل الفرج قريبا, فان العاقل من اتعظ بغيره واستبصر الفتنة قبل ان تقع, واما الجهلة والمغامرون فلا يتعظون ولا يتعلمون وفي غيهم سادرون ويوم القيامه خاسرون, ولهم من العذاب الادنى دون العذاب الكبر, فهل يتعظون ؟ او تصحوا ضمائرهم قبل فوات الآوان؟

ربما والايام ستبدي لنا ما لم نكن نعلم وياتينا بالاخبار من حيث لا نحتسب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.