صحيفة الكترونية اردنية شاملة

العلم في خدمة الخرافة!

0

شاهدت بالأمس على إحدى الشاشات برنامجاً استمر لاكثر من ساعتين عن علم النجوم في زمن حربها، وكانت المنافسة حادة حول من سيموت من زعماء العالم قريبا ومن سينقذ الأمة، أما أوباما فقد كانت له حصة تليق بالقارة التي يقودها..
أحدهم قال بان امريكا ستختفي من العالم بعد أقل من عشر سنوات لأن هناك كوكباً سوف يرتطم بها أو يسقط عليها! والآخر قرأ في كتاب أصفر قديم تنتهي اليه الدراما التي نعيشها الآن.
أما الثالث فقد كان أشبه بثالثة الأثافي كما كان أسلافنا يقولون في جاهليتهم.. فقد حلل الواقع الآن في ضوء النجوم وحذف بجرة لسان لا بجرة قلم أو حتى قدم كل ما توصلت اليه البشرية من معارف وعلوم.
يحدث هذا عام 2014 حيث يسجى الرجل العربي على المائدة، فيما تتوغل السكاكين فيه ليصبح دولاً بعدد الطوائف وربما طوائف بعدد الأفراد!
هل نبكي أم نضحك أم نلقي بكل ما لدينا من كتب عبر النافذة الى الشارع لعلّ الباعة المتجولون يستفيدون منها في لف الأطعمة وتنظيف الموائد.. أين يعيش هؤلاء، ومن أية سلالة انحدروا بحيث يحولون كوكب الأرض الى كرة قدم يتقاذفونها شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، فيحددوا موعد سقوط امبراطوريات وولادة دول ويتفننون في اختراع المعجزات بعد هزيمة حزيران انتشرت الخرافات كبديل للنقد الذاتي ومراجعة أسباب الهزيمة، فهل هذا هو الرّد على كل ما يحاصرنا من تحديات ويعرضنا للانقراض المعنوي؟
وللحظة أحسست بأن أبا حيان التوحيدي لم يخطىء عندما حوّل كتبه إلى رماد وان الجندرمة أصابوا عندما حولوا المجلدات الى كعوب للبساطير وأن من استخدم مكتبة الاسكندرية لتسخين الماء من أجل الاستحمام لم يذهب بعيداً عن هذا المدار..
يحدث هذا في وقت ينافس فيه عدد الجامعات والمعاهد عدد الكازيات وصالونات الحلاقة في العالم العربي الذي استطاع بمقدرة فذة تحويل النعمة الى نقمة في كل مجال.. فحول الكثرة الى قلة، والثورة الى ثروة، مثلما حول الشربات الى فسيخ وليس العكس.
وما أن فرغت الشاشة من ضيوفها وعادت الى صفائها كمجرد بياض أحسست بالدوار الذي أعقبه صداع ثم غثيان ولم أكن بحاجة لان اقول ها أنت عرفت السبب أو بعض السبب، فلا داعي للعجب!
العرب يستحقون براءة اختراع لأنهم سخروا التكنولوجيا لخدمة الخرافة وحولوا الفائض الى مديونيات، فكانوا أشبه بميداس اليوناني بعد أن وقف على رأسه، فما ان لامس الذهب حتى حوله الى رمل لأنه من قال ذات يوم سنجهل فوق جهل الجاهلينا!!!
الدستور

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.