صحيفة الكترونية اردنية شاملة

النواب والحكومة بين المبادىء والمصالح

0

خاص بصحيفة المقر

عندما يعجز مجلس النواب عن القيام بمهاته الدستورية في الرقابة والتشريع ويفقد قدرته على تشكيل السلطة التنفيذية وينعدم دوره في منح الشرعية الدستورية للحكومات منحاً للثقة او حجباً لها, وعندما يتماهى المجلس مع الإرادة السياسية فوق الحكومية, ويصبح معبراً عن تلك السياسات ذات النسب والمصدر المجهول, وتحمل اجندات غير وطنية, فكيف يمكن لنا ان نصف المجلس بانه ممثل للشعب الاردني, وعندها لا تسألني عن سبب مقاطعة الحركة الاسلامية لإنتخابات شكلية سمتها الأبرز التزوير وهدفها صناعة الاغلبية البرلمانية الخاضعة لإملآت الاشباح القادرة على رفع الحجب عن المكالمات الهاتفية تحت قبة البرلمان, هذا فضلاً عن كونها -اي الانتخابات- محكومة بقانون رجعي ومتخلف ومعيق لأي تطور وطني ومعطل لاية تنمية سياسية او حزبية او برامجية.

على الرغم من الجعجعة الصاخبة, والخطاب البرلماني الذي تمثل في لحظة الانفعال وجدان الشعب الاردني في مواجهة الجريمة التي ارتكبها الجنود الصهاينة بقتل الشهيد الاردني رائد زعيتر, فالحكومة لا تحترم المجلس ولا تريد او لا تستطيع تنفيذ قرارته حتى لو كانت بالاجماع, ولا تخشى من العواقب وتنام قريرة العين, ويد الرئيس في الماء البارد, وتعلم الحكومة ورئيسها ان تلك الاصوات ستضيع في معادلة الحسابات والمصالح.

الحكومة باقية ومستمرة واخفاق المجلس في الزامها او اسقاطها يمنحها ثقة جديدة, ومطالب النواب لن تتحقق فالاتفاقية الاردنية ” الاسرائيلية” باقية ولن توضع في الميزان, والسفارة في الرابية تحظى بحصانة وقداسة تسمو على غيرها, وسيظل الدقامسة خلف القضبان, والسفير الصهيوني صاحب الدار, وسفيرنا في تل الربيع في كنف الاعداء,

اليوم سنستمع الى خطاب ساذج يستخف بالعقول والافهام, هدفه تامين النزول الآمن لمجلس النواب عن الشجرة التي صعدوها وسوف يتسابق الكثير من اصحاب الدولة والمعالي والسعادة واصحاب القلم والكلمة لتقديم مظلة الهبوط او سلم النجاة.

هنيئا لهذه الحكومة بهكذا مجلس, قل شاكروه وكثر شاكوه, ومن الطبيعي ان يتسآل المواطن عن جدوى بقائه واستمراره؟ في ظل خطاب التبرير الذي اصبح ممجوجا ومملاً وغير قابل للاستهلاك لا زال ذاك الخطاب الخادع هو البضاعة المزجاة التي تتاجر بها الحكومات ودوائر صنع القرار, ويردده المجلس حفظا لماء الوجه.

اتفاقية وادي عربة ليست قدرا محتوماً, وهي لمصلحة “الاسرائيليين” الذين نقضوها ولم يلتزموا بها, وان اي محاولة لاقناعنا بأن الاتفاقية لصالحنا او لمصحة القضية الفلسطينية خداع وتضليل, فالمعاهدة فقدت مسوغات توقيعها ومبررات استمرارها, فلم يدفن الوطن البديل ولم نستعد السيادة على الاراضي الاردنية ولم نحصل على حصتنا من المياه حسب الاتفاقية , وتبخرت الوعود بالرخاء الاقتصادي والتنمية ووصلنا في ظلها الى رقم قياسي للمديونية والفقر والبطالة والشقاء والاستبداد والتوسع في الفساد, بشكل غير مسبوق,

لا نعول على مجلس النواب وسوف يتعرض اليوم الى نكسة جديدة وسيجد السحرة له مبررا شكليا يتمثل بضرورة انتظار نتائج التحقيق المشترك, هذه نتيجة تعيدنا الى السؤال مرة اخرى عن جدوى المشاركة في مسرحيات غير جادة تضفي على الواقع البائس شرعية شعبية منزوعة الدسم والتمثيل.

ادرك ان بعض النواب لا يعجبه الحال, ويسعى للاصلاح ولكن حساب البيدر يختلف عن حساب الحقل, ولمثل هؤلاء اوجه النصيحة بان ينسجموا مع قناعتهم ووجدان شعبهم, وان يتركوا هذا المجلس فبقاؤهم عقاب لهم وقد رُوي عن النبي سليمان -عليه الصلاة والسلام – انه كان اذا اراد ان يعاقب طيراً حشره مع غير جنسه, ولن ينسى الشعب من خذله او ناصره, والايام دول بين الناس ومن اراد المستقبل فليؤثر الباقي على الفاني.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.