صحيفة الكترونية اردنية شاملة

دجاج العالم يبيض نحو 1.5 تريليون بيضة سنويا

0

جاءت لحظة “وجدتها” بالنسبة لجوش تيتريك على شكل فطيرة صغيرة سيئة الطعم. كانت النكهة فظيعة، لكن الفطيرة انتفخت بالضبط بالطريقة نفسها التي يجب أن تنتفخ بها الكعكة العادية. كانت تلك هي المناسبة التي عندها أدرك هو وفريقه أنهم عثروا أخيراً على شيء مهم.

حدث ذلك في العام الماضي، بعد 15 شهراً من بدء تيتريك وصديق له في سان فرانسيسكو شركة سمياها هامبتون كريك فودز، تشكلت حول تحدي كيفية استبدال البيض في الطبخ.

لم يكن هدفهما مساعدة الناس الذين يعانون حساسية من بيض الدجاج، أو صنع منتجات للنباتيين، أو حتى للسوق الأوسع المليئة بالناس القلقين من الكوليسترول، بل الهدف هو الكشف عن طريقة لجعل كل أنواع الأطعمة ميسورة التكلفة، وأن يكون إنتاجها أقل ضرراً بالبيئة.

يقول تيتريك: “يمكنك فقط حل المشكلات إذا صنعت منتجاً يوفر شيئاً صنع بطريقة مختلفة تماماً وكان رخيصاً تماماً. وفي النهاية، إن لم يكن لديك سعر مناسب للصين والهند ومناسب لوالدي في السوبرماركت المحلي العادي، فإن ذلك يعني أنه ليس لديك شيء”.

كان تيتريك يتحدث في أثناء زيارة له إلى هونج كونج للقاء لي كا ــ شينج، أغنى رجل في آسيا، وأحد أكبر الداعمين له، الذي دفع 15.5 مليون دولار من خلال “هورايزونز فينتشرز”، أداة الاستثمار الخاصة به في مجال التكنولوجيا، مساهماً بذلك بجزء كبير من 23 مليون دولار يجري جمعها، فيما تعد الجولة الثانية لتمويل المشروع. وسبق أن تم تقديم تيتريك وتعريفه على شركة هورايزونز بواسطة أحد زملائه من أصحاب الأعمال الجديدة وصديقه صني فو، المؤسس المشارك في ميسفيتس، وهي شركة تكنولوجيا تختص بالأجهزة القابلة للارتداء ــ تلقت هي الأخرى دعوة من لي.

بعد أن عمل تيتريك في مؤسسات غير ربحية في منطقة جنوب الصحراء الإفريقية، “تملكه إحساس هائل بالمرارة والتشاؤم” لأن هذه المؤسسات عاجزة عن عمل أي شيء له قيمة.

لكن الشركة الناشئة قدمت طريقة بديلة. وهو يقول: “أعتقد أن الرأسمالية هي أكبر قوة مفجرة على الأرض، إنها السبب الرئيسي في قدرتنا على إرسال رسائل بالبريد الإلكتروني والقراءة بالليل وإطعام أنفسنا (…)، العالم يعيش على عاتق خط الربح”.

ويُعتمد البيض، باعتباره أرخص شكل من البروتين الحيواني المتوافر للإنسان، طعاماً أساسياً في جميع أنحاء العالم. وهو يحتوي على ثروة من الخصائص التي جعلت منه مكوناً في كثير من الأطعمة بسبب طريقته في المزج والاندماج والتشبع بالهواء. مثلا، يحتاج المايونيز والعجة والكعك إلى البيض، أو شيء يعمل عمل البيض.

ويبيض الدجاج نحو 1.5 تريليون بيضة سنويا، 40 في المائة منها تقريباً في الصين، وذلك حسب هيئة البيض الدولية.

ويقوم تيتريك ذو العينين البراقتين وصاحب العضلات المفتولة، البالغ من العمر 33 عاماً، بتدوير كمبيوتره المحمول على الطاولة ليرينا صورة دجاج نحيل مكدس في أقفاص، ويقول إن كل البيض في العالم يضعه دجاج موجود في مجموعة من الأقفاص. وهذه عملية تفتقر إلى الكفاءة فيما يتعلق بالطعام والماء المستهلكين في تربية الدجاج.

تأتي فكرته الأساسية من أن 70 في المائة من تكلفة بيض الدجاج تأتي من إطعامه، وبالتالي سيشكل إخراج الطائر من هذه المعادلة فرقاً كبيراً. ولذلك أقدم كل من تيتريك وجوش بوك، صديقه الذي يعمل مع مؤسسة خيرية لرفاهية الحيوان في الولايات المتحدة، على إعادة التفكير في كيف يستخدم البيض ولماذا.

وفي أثناء عمله في إفريقيا تيقن تيتريك، لاعب كرة القدم السابق في أثناء الدراسة الجامعية والباحث في مؤسسة فولبرايت، من أن النتائج تكون عادة مشوبة بكفاح الناس للحصول على الطعام بتكلفة ميسورة. وكان باستطاعته دفع الطلاب للمجيء إلى المدرسة، لكنهم كانوا جائعين لدرجة تمنعهم من التعلم. يقول: “كنت أشعر دائماً بأنني مهما فعلت سيكون الطعام أكبر مشكلة”.

وحصلت “هامبتون كريك” على بضع ملايين الدولارات في أوائل تمويل لنشاطاتها من صندوق خوسلا فينتشرز، المدعوم من متبرعين من بينهم فينود خوسلا، الذي شارك في تأسيس شركة صن ميكروسيستيمز، وبيل جيتس، مؤسس “مايكروسوفت”.

وعرف تيتريك، وهو نباتي، أن بعض النباتات تحتوي على البروتين الذي يمكن أن يؤدي الدور نفسه الذي يؤديه البيض. لكن الصعوبة تكمن في التعرف على هذه البروتينات واستخدامها. ولهذا السبب كانت الفطائر ذات الطعم الفظيع تعد فتحاً كبيراً. وهو يصف مراقبة الفطائر الصغيرة وهي تُخبز في فترات تجارب متعددة ورؤية كل واحدة منها وهي باقية بعناد دون انتفاخ. وفي يوم من الأيام انتفخت فطيرة ببروتين نباتي. كان طعمها فظيعاً “لكن كان بإمكاننا تمييز البروتين فيها لأننا عرفنا أنه هو الذي ملأها بالهواء”.

وأخذت عملية خبز أول فطيرة جيدة من العاملين بتكنولوجيا الغذاء خمسة أشهر أخرى. ويفترض الآن أنهم تعرفوا على نمط توزيع الأحماض الأمينية والأوزان الجزيئية للبروتين الذي يعمل على انتفاخ الفطيرة الصغيرة. وهو يقول: “حالما تتعرف فعلاً على عامل استحلاب جيد سيكون بإمكانك البحث عن الأوزان الجزيئية والبروتينات المماثلة”.

واستخدم المؤسسون مختصين في علوم الكيمياء الأحيائية والوراثة، إضافة إلى مهندسين في البرمجيات، لتكوين قاعدة بيانات ونظام بحث لتحديد وقنص البروتينات المطلوبة من بين ملايين الأنواع من البروتينات النباتية. والآن الشركة مبنية على هذه المعرفة المتنامية للأوزان الجزيئية وخصائصها وهي التي كان يستخدمها بصورة تقليدية فنيو الغذاء و”الشيف” ونجحوا في تحويلها إلى منتجات غذائية.

ويجب جمع بعض البروتينيات مع بروتينيات أخرى لتكوين وظائف معينة مشابهة لتلك الموجودة في البيض، الأمر الذي جعل من تيتريك، وهو فصيح اللسان، يتمتم بفكرة مفادها أنه لن يكشف أكثر مما ينبغي حول الملكية الفكرية الأساسية في شركة هامبتون كريك.

ويجب اتباع كل طريق أثناء البحث عن البروتينيات الصحيحة، لكن يوجد كثير من الطرق ذات النهاية المغلقة. مثلا، عرف الفريق أن البازيلا الصفراء الكندية يمكن أن تعمل مستحلبا جيدا لتثبيت مكونات المايونيز. وهو يقول: “يوجد 2700 نوع من البازيلا الصفراء الكندية، ولذلك يصبح السؤال بالنسبة لي: كم نوع جُرِّبت من هذه الأنواع التي يبلغ عددها 2700؟”. يؤدي البيض 22 وظيفة في عمليات الطبخ. وحتى الآن، استطاعت “هامبتون كريك” نسخ 11 منها من خلال بروتينات نباتية.

وفي الوقت الحالي لدى “هامبتون كريك” منتجان فقط. الأول يسمى بيوند إيجز Beyond Eggs (ما وراء البيض)، وهو أحد المضافات التي يمكن أن تستخدمها شركات تصنيع المواد الغذائية، يعمل عمل البيض الطبيعي في كثير من العمليات. والآخر هو جاست مايوJust Mayo، وهو العلامة التجارية للمايونيز الخالي من البيض، ويباع الآن في الشاطئ الغربي في محال الطعام العضوي الطبيعي. وسيتبع ذلك منتجات أخرى لتباع بالتجزئة. ويقول تتريك إن الشركة تستطيع تسعير المايونيز الذي تنتجه بسعر يقل بنسبة 10 ــ 15 في المائة عن المايونيز المصنوع من البيض، وتحقيق هوامش الأرباح نفسها. ويتوقع أن تصبح منتجاته البديلة للبيض، في النهاية، أرخص بنسبة 70 في المائة، مقارنة بأرخص المواد المنتجة من بيض الدجاج المربى في الأقفاص الصغيرة، وهي منذ الآن أرخص بنسبة 50 في المائة.

الجولة الثانية من جمع رأس المال ــ خصوصاً الاتصال بالسيد لي، الذي تتضمن مجموعة هاتشيسون التابعة له سلسلة من محال السوبرماركت وتتمتع كذلك بعلاقات مع شركات لصناعة المواد الغذائية ــ ستساعد على انتشار هذه المنتجات بسرعة أكبر بكثير مما سبق.

والهدف النهائي الكامن وراء إنشاء شركة تكنولوجيا الغذاء، كما يقول تيتريك، هو المساعدة في تغيير صناعة الغذاء بطريقة يمكن أن تسهم في معالجة المشكلات الأكبر في العالم. “لا أعتقد بوجود مشكلة حقيقية في جعل رقائق الذرة تقرمش تحت الأسنان بصورة أفضل، لكن التغيرات المناخية والجوع هما المشكلتان الحقيقيتان”.

بالنسبة للتحدي المتمثل في إقناع الناس بالتحول إلى طبخ خال من البيض، يقول: “حين استُخدِمت الكهرباء أول مرة، كان يطلق عليها: بديل الإضاءة بالجاز. العالم لديه طريقة لاستيعاب الأشياء”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.