صحيفة الكترونية اردنية شاملة

العبث في حديقة موسكو الامامية !!

0

المراقبون يتساءلون اليوم : هل بدأت الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي ، ام هناك مواجهة ساخنة بين روسيا ومن يحالفها من جهة وبين الولايات المتحدة واوروبا من الجهة الاخرى ؟

الثابت ان موسكو مندفعة باتجاه اوكرانيا بقوة لأنها تشعر ان الغرب او الغرباء دخلوا الى حديقتها الامامية ، او لامسوا خط الدفاع الاول ، او اقتربوا من مجالها الحيوي ، خصوصا ان اليمين الاوكراني يطالب الانضمام الى حلف الناتو وليس الخروج من تحت عباءة روسيا ، او منطقة النفوذ الروسية .

المعروف ان اوكرانيا هي ثاني اكبر دولة ، بعد روسيا، من حيث المساحة وعدد السكان في الكتلة الشرقية ، وقد ضمت اليها شبه جزيرة القرم في عهد الرئيس خروتشوف ( الاوكراني ) بعدما كانت قد انضمت الى الاراضي الروسية في عهد كاترين . لذلك تسكنها الغالبية الروسية ، والناطقة باللغة الروسية ، ولكن في الحقيقة ليس هذا هو السبب فقط ، لأن الرئيس بوتين يضع المصالح الروسية في المقدمة ، فهناك يرسو اسطول البحر الاسود الروسي ، لأن ميناء سيباستوبول هو تستخدمه السفن الحربية الروسية منذ ما قبل حرب القرم التاريخية بين روسيا والدولة العثمانية في منتصف القرن التاسع عشر.

ومنذ انضمام اوكرانيا الى الاتحاد السوفياتي ، ارتبط الاقتصاد الاوكراني يالاقتصاد الروسي ، وقد حول خروتشوف ، وبعده بريجنيف ، دولة اوكرانيا الى دولة صناعية تقدم انتجها للسوق الروسي ، لذلك ظلت اوكرانيا رغم استقلالها ، بعد تفكيك الاتحاد السوفياتي ، ظلت تعتمد على السوق الروسي . وبالمقابل نجحت موسكو في اخراج اوكرانيا من ازمتها الاقتصادية التي وضعتها على حافة الانهيار في بداية التسعينات . كما قدمت لها صفة الغاز باسعار تفضيلية .

من هذا الواقع يمكننا القول ان الغرب قد لا يستطيع تقديم ما يعوض اوكرانيا عن انسلاخها ، او معاداتها لروسيا . واذا كانت المعارضة قادرة على تقديم الوجبات للمعتصمين في ساحة الاستقلال من اليمين المطالب بالانضمام الى الاتحاد الاوروبي ، فانهم لا يستطيعون تقديم البديل الاقتصادي لقطع العلاقات مع موسكو . فالكل يعرف ان الاتحاد الاوروبي يعاني من ازمة اقتصادية وضعت بعض دوله على حافة الافلاس ، ولا تزال الدول الاوروبية تبحث عن حلول لانقاذ هذه الدول .

الواقع يقول ان روسيا مندفعة الى الامام لحماية مصالحها ، وبالمقابل هناك الولايات المتحدة التي لا يمكن ان تغامر بمواجهة عسكرية ، الى انها ستمارس كل اشكال الضغط على موسكو لتخيف اندفاعها باتجاه كييف، اضافة الى موقف بعض الدول الاوروبية التي تناور لخفض نسبة النفوذ الروسي ، مع قناعتها بعدم القدرة على حبس روسيا وراء الستار الحديدي مرة اخرى على غرار ما حدث بعد انتهاء الحرب العالمية .

وامام هذا المشهد من الممكن القول ان شكلا من اشكال الحرب الباردة قد بدأ ولكن الامور لن تتطور الى ما أخطر ، اي نحو مواجهة ساخنة ، لأن الثابت ان هناك صراع على المصالح والنفوذ في اكثر من منطقة ، ولكن لا احد مستعد لاشعال حرب كونية مهما كان الثمن .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.