صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الروابده والعزف على وتر الوطن البديل

0

في لقائه الحواري بديوان آل التل يوم الجمعة 28 / 2 / 2014 تحدث دولة العين الدكتور عبد الرؤوف الروابده عن الإشاعات والفتن المتعلقة بمشروع كيري إضافة لبعض القضايا التي يتداولها الشارع الأردني هذه الأيام . ولعلمي بأن دولته واسع الصدر ويقبل الحوار والرأي الآخر ، فأرغب بمحاورته حول ما ورد بمحاضرته من خلال على صفحات هذا الموقع المحترم بالفقرات التالية .

تعلمون دولتكم أن غياب المعلومات الحقيقية عما يجري في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية تحت الرعاية الأمريكية ، وفقدان الثقة بالمشاركين بها ، هما السببان الرئيسيان لانتشار الإشاعات بين المواطنين في المجتمع الأردني ، حول موضوع هام يتعلق بوطنهم ومستقبل أبنائهم . فالمسؤولون الأردنيون أعلنوا صراحة بأنهم لا يجلسون على طاولة المفاوضات لكي يستمعوا ويحاوروا الأطراف الثلاثة مباشرة بما يخص الأردن في محاولة لإيجاد حل للقضية الفلسطينية ، بل أنهم يجلسون ( وهميا ) في الغرفة المجاورة . وبناء عليه فإن ما يجري على الطاولة في الغرفة المغلقة يصلنا بالمراسلة ، وبصورة فردية من خلال بعض أطراف التفاوض . ولا نعلم إن كان ما ينقل إلينا من معلومات حقيقيا أم مجتزأ . وهذا أمر يدعونا للتخوف المشروع من حل قد يفرض علينا في بعض جوانبه الخطيرة .

إن عدم الثقة بالمحاورين يعتمد على ما عرفناه عنهم سابقا ، من تشدد الجانب الإسرائيلي بطلباتهم ومصالحهم ، وانحياز الأمريكان المعهود إلى جانبهم بصورة علنية ، يقابله تساهل الجانب الفلسطيني في تقديم التنازلات المتلاحقة ، ابتداء من خدعتنا في محادثات أوسلو السرية التي اعترفت بدولة إسرائيل ، وانتهاء بتنازلات الرئيس عباس عن حق العودة أمام الطلبة الإسرائيليين قبل بضعة أسابيع ، ثم تعهده قبل ذلك بعدم قيام انتفاضة ثالثة ضد إسرائيل . إذن من حقنا في هذه الحالة أن لا نثق بما يُقدم إلينا من معلومات ، لاسيما وأن شركائه في السلطة يلمّحون بسوء ما يجري بين أطراف التفاوض ؟

أما استقاء المعلومات من الصحافة الإسرائيلية كما تقول دولتك ، فهو للأسف نابع من تجاربنا السابقة التي أثبتت مصداقية تلك الصحافة ، وزيف ما تقدمه صحافتنا من معلومات غير دقيقة ومظللة تخدع المواطنين سواء بقصد أم بغير قصد . ولهذا نتجه إلى الصحافة الأمريكية والأوروبية لنعرف منها الحقائق المتعلقة بوطننا ، خاصة ما يجود به مسؤولونا لها من مقابلات وتصريحات تكشف المستور بين حين وآخر.

تقول دولتك ” بأن كيري لم يحمل أي مشروع مكتوب ينص على مسألة الوطن البديل أو خلافه، وإنما يعرض أفكارا من جميع الأطراف ، على أن يتقدم بمشروع مكتوب خلال شهر نيسان المقبل ثم أجّله لإشعار آخر “. وها أسأل دولتك : أليست الأفكار الشفهية التي يعرضها الوزير الأمريكي ، هي محور الحديث الذي ستبنى عليه المقترحات والقرارات المكتوبة ، التي ستُطرح على الأطراف المعنية في نهاية المطاف ؟

وإذا ما صدَقَتْ بعض الافكار المسرّبة مثل إلغاء حق العودة ويهودية الدولة ، ألا تشكل في تبعاتها خطورة على الشعبين الأردني والفلسطيني في آن واحد ؟ أليس من حقنا أن نحذّر في هذا الوقت الحرج من التجاوز على الثوابت الوطنية للشعبين ، قبل وقوع الخطر وإملاء القرارات المجحفة علينا برسم التنفيذ ؟ وإذا كنا نتحدث شعبا ومسؤولين بلغة واحدة حتى وإن كانت رجما بالغيب ، ألا تعبر عن إجراء وقائي لحماية الوطن والحفاظ على هوية الشعبين ؟ وإن كان الحال كذلك ، فلماذا الغضب وكيل الاتهامات القاسية

لمن يعارض خطط الوطن البديل ، حتى وإن كان الافتراض وهميا وبعيدا عن الحقيقة ؟ فلندع الشعبين يعبران عن رأيهما بحرية تامة ، طالما أنه يتفق مع اتجاهات الدولة ، ويدعم موقفها محليا وخارجيا ويخدم المصلحة المشتركة .

ذكرت دولتك ” بأن الأردن ليس معنيا بأي من الأحاديث التي تجري حول أربعة مقترحات مطروحة تتمثل في : استيعاب اللاجئين حيث وجدوا ، أو استيعابهم في دولة أخرى ، أو عودتهم إلى مناطق السلطة الفلسطينية ، أو عودة جزئية لفلسطينيي عام 48 انطلاقا من سيادته الكاملة على أرضه وقراراته ومصالحه “. وهنا أود أن أسألك عن الخيار الأول فقط : ألا يُخل هذا بالديموغرافيا الأردنية إذا تم تطبيقه ؟ أليس هذا ما يساعد عل تفريغ الأراضي الفلسطينية من سكانها ويطمس الهوية الفلسطينية ؟ أليس منح أبناء الأردنيات المتزوجات من الأجانب والبالغ عددهن حوالي 84 ألف سيدة ، يخل ايضا بميزان الديموغرافيا الأردنية ؟ لا أعرف كيف تفسر دولتك أن هذا يتفق مع سيادة الأردن ومصالحه ؟ فالشمس لا يمكن أن تغطى بغربال والناس قادرون على استنباط الحقيقة . . !

هناك إشاعات كثيرة يتداولها المواطنون ، حول إقامة مخيمات جديدة في المناطق الشرقية من البلاد ، أحدها مخيم الأزرق ، الذي نشرت صوره في المواقع الإلكترونية ولم يتم الإفصاح عن سبب إقامته ، حتى قيل بأنه مُنع بعض النواب من زيارته لمعرفة حيثياته عندما طلبوا ذلك . أليس هذا سببا آخر في تزايد الإشاعات يا دولة العين ؟

عندما يطالب أبناء الأردن الأوفياء بصوت مرتفع قوننة قرار فك الارتباط الإداري مع الضفة الغربية ، الذي صدر في الأردن عام 1988 بناء عل طلب السلطة الفلسطينية ، فإنما يؤكدون على إبراز الهويتين الأردنية والفلسطينية وخدمة للقضايا الوطنية في كلا الجانبين ، وليس كما يشاع بأنه لسحب الجنسية الأردنية من إخوتنا الأردنيين من أصل فلسطيني . القصد من هذا الإجراء هو إبراز الهوية وتجسيد الشخصية الفلسطينية واقعا على الأرض . ومن المهم أن نتذكر بأن القضايا المصيرية تتطلب منا جميعا التلاحم بين الشعبين للوقوف في وجه المشاريع التصفوية ، والتخلي عن العواطف التي تعود بالضرر على الطرفين .

ولا شك بأن من يدافعون عن الهويتين الأردنية والفلسطينية ، ومن يساعدون أشقاءهم على الصمود في أرضهم لمواجهة الأطماع الصهيونية ، ومن يحارب تجار الأوطان ” لا يعزفون على وتر الوطن البديل وليسوا هم المتكسبون بالإقليمية الي ينسجونها من خيالهم ، وليسوا هم دعاة الفتنة ” كما تفضلت دولة العين، بل هم الحريصون على سلامة الوطن ، والقلقون على مستقبل الأجيال اللاحقة بكل أمانة وشرف .

تقول يا دولة العين : ” أن هذه الأصوات تعيق الحركة نحو المضي بمسيرة الإصلاح والتنمية والتحديث والتطوير . . . ” . وهنا اسمح لي بالقول أنك أخطأت الهدف الحقيقي في هذا المجال ، لأن من يعيق كل ما ذكرت ، هم الفاسدون والمفسدون الذين ينخرون في جسم الوطن في كل زمان ومكان . فممارسة أفعالهم الفاسدة تتجدد كل حين ، وكلما طُويت صفحة فساد دون عقاب ، نفاجأ بفتح صفحة فساد جديدة ، تسيء للبلد ونظامه على الساحتين المحلية والخارجية . ومع كل ذلك لم نشاهد الحبل يطوق عنق أي من الفاسدين ، عملا بقوله تعالى في محكم كتابه : ” ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب “. من هنا يبدأ الإصلاح الحقيقي وتتقدم التنمية والتحديث والتطوير الذي نتمناه . . !

وفي الختام أرجو من كل المنظّرين ومتعهدي الخطابات والمحاضرات على امتداد الساحة الأردنية، أن يلتزموا جانب الصدق مع ضمائرهم ومع مستمعيهم قولا وعملا ، قبل أن يتكرموا بتوزيع اتهامات التخوين والفتنة على أبناء الأردن الشرفاء الذين يدافعون عن الوطن والهوية في كلا الجانبين .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.