صحيفة الكترونية اردنية شاملة

مكونات الهيبة

0

اللاهثون وراء المواقع المتقدمة في مناصب الدولة , الحاشدون لها كل الوسائل المتاحة والممكنة , الساعون للوصول الى كرسيها الوثير , يحسبون انها وجاهة وتعاظم وتعالٍ , وان بها مكاسب وامتيازات جمة يحلمون بها , تمدهم برغد العيش وهناءة الحياة , هم مخطئون , فأن كانت كذلك في يوم مضى فلن تكون الان .
المسؤولية في الماضي تكتسب الهيبة , لانها امانة , تؤدى بنقاء , وبوازع من ضمير , وينظر اليها انها باب من ابواب الجنة يوصل الى الخلود , واليوم تؤدى برقابة صارمة من قبل وعي عام , قبل رقابة اجهزة الدولة , التي كثيرا ما احتاجت هي ذاتها الى ذات الرقابة .
اداء المسؤولية قاصم للظهر , لما تحمله من مهام و واجبات , وما تحتاجه من تعب وسهر ومثابرة وجرد حساب , لمعرفة النتائج وحساب الذات على التقصير , فهي اجهاد مستمر للفكر , بحث عن ابتكارات وابدعات لانجاز الواجبات , بسرعة ودقة .
من اراد الهيبة في المسؤولية , وجب عليه ان يكون واعيا مدركا ملما بمتطلباتها , حاملاً سلاحها بيده وقلبه , سلاح العدل والمساواة , منكرا للذات محبا للجمع , اول اسم في قائمة المحاسبة اسمه هو ذاته , ثم اسماء المقصرين في واجباتهم , فمن اقام العدل لن يقال له تجاوزت الخطوط .
من اراد الهيبة في المسؤولية وجب عليه ان يكون هو الاكفأ لها , كفاءة المعرفة بالعلم والثقافة والخبرة , ليس بالحسب والنسب , ولا بالهدير والضجيج, ولا بالدس والمناجاة , ولا بأقتناص الفرص واستغلالها , كمن يضع الزيت على النار ليعلو لهيبها , وليس بمحاربة الافكار البناءة الصادرة من سواه , فيغار منها ويهاجمها , تحت غطاء الوطنية , وهو افقر الناس لهذا المفهوم النبيل .
من اراد الهيبة بالمسؤولية وجب عليه ان يفرغ نفسه لها بأخلاص , لا ان يجعل منها مطية ولا سلاما , يصعد لينال مبتغاه الفاسد , فمن كانت هذه اهواءه واساليبه , سيكون ممسوخا من الهيبة , وسيجد من ابسط الناس من يقول له كلاماً لا يرضيه .
من اراد الهيبة بالمسؤولية , عليه ان لا يجعل بينه وبينها حجاب , فأن هو تفكر وتدبر , تعمق في البحث عن حل المعاضل , اخذ بالاجتهاد والقياس , اعتبر من اخطاء غيره , جالس العامة والبسطاء , استمع لهم وانتصح بصدقهم , فهم ابرياء بالفطرة , فقد ازال ما بينه وبين الهيبة من حجاب , فأحسن الاداء وملك قلوب العباد , ومن ملكها جائته الهيبة تسعى .
من اراد الحصول على الهيبة في الوظيفة العامة , عليه ان لا يسقط من بداية الطريق , فالهيبة هدف بعيد المنال , لا يطاله الا المثابرون الصابرون , الذين يقدّمون اعمالاً جليلة فاضلة للوطن عامة , لا فئوية ولا جهوية ولا عنصرية , فمن تعنصر بالخفاء سيكشف امره ولو بعد حين , فطاقية الاخفاء ضرب من الوهم و الخيال .
النفاق والتزلف والتملق ومسح الاجواخ , اقامة الولائم والابتسامات الصفراء وكثرة الترحيب , الانحناء وخفض الجبين , كلها سموم تقتل الهيبة , ومن قتلت هيبته سقط الى الابد .
كثيرون من ينادون بإعادة الهيبة , فان هي ذهبت لن تعود , لانها فقدت مقوماتها , الهيبة شموخ وعظمة وكبرياء , اساسها المتين العدل والمعرفة والثقة بالنفس , لا ينالها احد بالامنيات , شروطها كثر وما ذكرته هو الشيء اليسير .
حمى الله الاردن وشعبه ومليكه.
الدستور

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.