صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الكازينو وشاهين واراضي البحر الميت

0

يكاد المشهد يتكرر من جديد في قضية أراضي البحر الميت مع المشهد ذاته، بعد تداعيات فضيحتي الكازينو وسفر السجين شاهين إلى لندن، وكان لسان البعض يقول “ما أشبه اليوم بالبارحة”.

أقول هذا لأنني عشت شخصيا تلك القضايا التي هزت الشارع الأردني وشغلته لسنين طوال، وأثرت على أمنه واستقراره وزادت من فجوة عدم الثقة بين الحكومات والمواطنين، اليوم وبعد تورط الحكومة مباشرة ممثلة برئيس الوزراء شخصيا في الضغط على هيئة المناطق التنموية لبيع أراض استثمارية على شاطئ البحر الميت لنائب في مجلس النواب بأقل من سعرها الحقيقي بنسبة 70 في المئة، فإنني استرجع بعض الذكريات المشابهة بعد فضيحتي الكازينو وشاهين.

مباشرة بعد تلك القضايا تصدت بعض وسائل الإعلام لمهاجمة القصة من الأساس ونفيها واتهام وسائل الاعلام التي كشفتها أو التي سلطت الضوء عليها بتهم عدة، منها أنها تعمل لاجندات، وصحفييها محسوبين على الأجهزة الأمنية أو على بعض القوى في الدولة، أو أن لهم مصالح شخصية، وهذه كلشيهات اتهامية باتت جاهزة في الوسط الاعلامي لهدفين رئيسيين، أولاهما تبخيس الجهد الإعلامي المتميز الذي كشفه زملائهم الاعلاميين، ثانيا مدفوعا من بعض الجهات المتورطة في قضايا الفساد، لكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح، تتحد وسائل الاعلام بعد أن تتكشف القضايا، ويبدؤون بالتباهي بدورهم الإعلامي المميز، كما حصل في قضيتي الكازينو وشاهين، إذ أن معظم وسائل الاعلام تتباهى بدورها في قضايا مكافحة الفساد، علما أن دورها الحقيقي كان سلبيا في البداية، لكن هذا ما يسمى “الشجاعة بأثر رجعي”.

بالنسبة للموقف الرسمي، شهدنا في قضيتي الكازينو وشاهين نفيا رسميا سريعا لهما على لسان رئيس الوزراء آنذاك، وأنه لا يعلم أي شيء لا من قريب ولا من بعيد عن القضيتين، بعدها بقليل ظهرت الوثائق التي تشير إلى علاقة الرئيس ودوره في القضيتين، وإدارته المباشرة لملفهما، وهذا ما حدث مع النسور في أراضي البحر الميت التي نفى علمه وعلاقته بالتسعير والموضوع برمته، لتظهر وثائق اتصاله على مدى عام تقريبا بالقضية، وهو يطالب ببيع الأرض بسعر أقل من السوق.

الامر مشابه لشخصية رئيسي الوزراء في قضيتي الكازينو وشاهين مع قضية البحر الميت من حيث الفساد، إذ أن كلا الرئيسين معروف عنهما النزاهة، وهما غير متورطين بمشروع فساد أو منفعة واستغلال الوظيفة والسطلة في أعمال مخلة بالقانون، وأنا أقسم نيابة عن النسور أن نزيه، لكن تم توريطه في القضية مثلما ورط آخرون في قضايا الكازينو وشاهين.

كلا الملفين في الكازينو وشاهين مع أراضي البحر الميت يتشابهون من حيث تجاوز الحكومة ومخالفتها للقانون وقرارات مجلس الوزراء، ففي الكازينو تم عقد اتفاقية سرية لا يعلمها أحد، وحتى اتفاقية الإلغاء تمت دون معرفة الطرف الآخر في العقد، وفي حالة شاهين لم تعرض قضية علاجه على مجلس الوزراء لا بل خالفت الحكومة قرار لجنة المعالجات الطبية، والأمر كذلك بالنسبة لأراضي البحر الميت، التي أظهرت وثائق موقعة من قبل الرئيس، أنها مخالفة للقانون كون عملية البيع هي أصلا ليس من اختصاص مجلس الوزراء، وتحديد الأسعار يتم من خلال لجنة وافق عليها مجلس الوزراء وفق نظام أقره في العام 2012.

نلاحظ مما سبق تشابه الأعمال وردود الأفعال بعد كل قضية كبرى يكشفها الاعلام وتطرح للنقاش أمام الرأي العام، وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح، فالكازينو لم يقام، وشاهين تم إعادته، وأراضي البحر الميت لم يتخذ فيها قرار لغاية الآن، والعاقل من اتعظ بغيره.

[email protected]

[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.