صحيفة الكترونية اردنية شاملة

يوم اكل الثور الابيض

0

خاص بصحيفة المقر

يوم أن قبلت القوى والاحزاب والتيارات السياسية ان تشكل غطاءً للانقلاب العسكري في مصر كتبت شهادة وفاتها، فبدلاً من المسارعة باجراء مراجعات عميقة لتدارك الفشل الذريع في الانتخابات المتكررة، بحثت تلك القوى عن طريق سهل يوصلها الى السلطة.

بعد الاخفاق في كسب العقول والقلوب والاصوات انقلبت تيارات سياسة واحزاب تاريخية على منظومة المبادىء والقيم المدنية والحداثية والديمقراطية التي تغنت بها طويلاً، وركبت قطار العسكر للتخلص من الخصم السياسي الذي سبقها في كل الانتخابات.

اليوم جاء الدور على بقية الثيران كفريسة سهلة لرئيس الانقلاب بعد ان انتهى الدور الوظيفي ل المحلل المدني في السطو العسكري على السلطة، الانقلاب العسكري تخلص مبكراً من “الليبراليين” مثل “البرادعي وحمزاوي وغيرهم” وكانوا اكثر احتراما لذواتهم من غيرهم، ثم من القوى الشبابية التي شاركت بثورة 25 يناير مثل 6 ابريل وغيرهم جاء دور التيار اليساري مثل “الاشتراكيين الثوريين والناصريين” واما الاحزاب السائبة مثل حزب النور والوفد فهي اقل من ان يحسب لها حساب لان دورها لا زال قائما وستكون نهايتهم وفقا لقواعد العزل الشعبي والتنافس الديمقراطي في الانتخابات القادمة.

اشفق جدا على وحدات العمل السياسي وخطوط الانتاج الرسمي العقيم التي اصابها العطب وتاهت توجهاتها تحت اغراءآت السلطة الموهومة، واعرف ان بعضكم سُيقبل على بعض يتلاومون ونتيجة لنظرية التدافع والديالكتيك والهروب من تحمل المسئولية يصح فيكم قول من قال: “لا عنب الشام ولا رطب اليمن”، فالحكم عقيم وطبيعة العسكر الاحتكام الى القوة والبطش وليس الى السياسة وادارة الدول.

يصف البعض هذا السلوك بالانتهازية السياسية، عندما تتخلى المكونات المجتمعية عن الوفاء لقيم الديمقراطية وفي ذات اللحظة تخسر السلطة التي في مضمارها يتسابقون.

ليست السياسة براغماتية وميكافيلية عند الجميع، ومن فقد احترامه لذاته فقد احترام الاخرين، ومن يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت ايلام، ليس هذا هجاءً لكم ولا شماتةً ولكنها صرخة اشفاق.

اعلم ان هذا الخطاب سيعجب بعضكم وسيغضب اخرين، ولكن الواجب يفرض علينا ان نقول كلمة الحق ليس عند سلطان جائر فقط، وانما عند من يسعون للوصول الى السلطة ايضا، بعضكم وصل الحكم فقدم انموذجا في القمع والاستبداد والفشل والشقاء،

من كانت له ذاكرة تسعفه للتذكر فقد منح الاسلاميون في الاردن الثقة لحكومة السيد سليمان النابلسي الخصم السياسي في برلمان 1957 وفاءً لمصلحة راجحة، وصوت النواب الاخوان في المجلس الحادي عشر لرفع الحظر عن الحزب الشيوعي واسقاط قانون مكافحة الشيوعية، واليوم نشهد مروحة عجيبة من الاصطفافات الهجينة في الداخل والخارج من “سلطة رسمية ومنابرها الاعلامية واحزاب عرضت خدماتها للتحالف مع النظام ضد الاخوان المسلمين”، تحالفات يجمعها التساوق مع الرغبة الاميركية للتخلص من الحركة الاسلامية.

لسنا جزعين مما يجري لان من ينتظر المستقبل ويسعى له لا يملك الا الدعاء والاشفاق على هذا المشهد البائس المتشظي ومن يراهن على غير ارادة الشعوب فهو واهم وخاسر.

ايها السادة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.