صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ورقة التوت

0

خاص بصحيفة المقر

في ملف القضية الفلسطينية ثمة ملاحظات تستوجب التوقف والتأمل والمراجعة وتغييراً في نهج التعاطي وادرارة العلاقات الخارجية وإعادة بناء التحالفات الوطنية والإقليمية بما يتوافق وينسجم مع المصالح الحقيقية والمنبثقة من فلسفةٍ وطنيةٍ تتجاوز الأدوار الوظيفية المفروضة على الاردن.

أول تلك الملاحظات أن مقابل التنازلات -التي يسميها البعض مرونة وتسهيلات وشجاعة وطنية- يتواصل ويزداد التطرف “الإسرائيلي” تشدداً واستخفافاً بالجانب الفلسطيني والاردني, ويمارس الكيان الصهيوني مهاراته المتميزة في الابتزاز والضغط على المقابل تماما كما يطبق الوحش المفترس على فريسته فلا ينفك عنها الا وهي جثة هامدة وبحجة عدم حاهزية الشريك لإتمام عملية السلام مثلما قتلوا الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وربما يحصل مع الرئيس الحالي محمود عباس والرئيس البديل القادم حتى لو كان محمد دحلان.

واما ابرز الظواهر السياسية فهي ان تعامل المجتمع الدولي ومنهم الإقطاع السياسي العربي مع الكيان الصهيوني باعتباره دولة طبيعية ديمقراطية حداثية مكانتها مقدسة ومصالحها محفوظة ويقع واجب رعايتها وحفظ أمنها على دول الطوق العربي الغارقة ب الاستبداد والفساد والتخلف, ويكتفي محور الممانعة بوصف الكيان بأنه دولةٌ مارقة ومتمردة على الشرعية الدولية, في حين ان الحقيقة التي يتجاهلها الجميع هي أن “إسرائيل” ليست دولة بالمعنى الاصطلاحي للكلمة لأن الذي يتحكم برسم سياساتها وتوجهاتها عصابات ارهابية صهيونية الجذور والهوية تحولت بالشكل الى أحزاب مدنية تتنافس في الإنتخابات الداخلية وتشكل حكومات متطرفة او اكثر تطرفا وارهابا.

في لحظة التدافع السياسي الذي تقوده واشنطن عبر وزير خارجيتها “جون كيري” لمحاولة ايجاد حل تاريخي ينهي الصراع ويغلق الملف الفلسطينيالمتعلق بقضايا الحل النهائي يبرز التعنت “الإسرائيلي” الموصوف بانه عقبة امام عملية السلام من جديد.

الغريب في الأمر أن تُمارس الضغوط الدولية على الجانب الفلسطيني والاردني لتقديم التنازلات من جديد الامر الذي يقودنا الى السؤال هل بقي لدينا ما يمكن التنازل عنه الا ورقة التوت؟ وما هي مصلحة المجتمع الدولي الداعم “لإسرائيل” بنزع تلك الورقة؟.

السؤال الذي يملأ الفضاء هو هل يملك الجانب العربي إمكانيات جادة لمواجهة الكوارث السياسية التي جلبتها لنا عملية السلام؟ والجواب اننا نملك وفرة من الخيارات لا من اجل تحسين الموقع التفاوضي ولكن من أجل تغيير قواعد العملية السياسية المتحكمة بواقع المنطقة ومستقبلها.

“اسرائيل” لها مرجعيتها التلمودية وتطالب العالم بالاعتراف بها كدولة يهودية, والمفارقة ان الدول العربية ترفض ان يكون لها مرجعيات قومية وتحارب المرجعيات الشرعية الاسلامية وتتمسك بما يسمى بالشرعية الدولية.

والاردن يلتزم بتنفيذ اتفاقية وادي عربة بوفاء وإخلاص بينما “إسرائيل” لا تتوقف عن انتهاك المعاهدة والسيادة الاردنية أيضاً وعلى جدول اعمال البرلمان “الإسرائيلي” – المُسمى بالكنيست وهو مصطلح ديني عقائدي لا بستخدم الا في اسرائيل – التصويت هذا اليوم على مشروع نزع الوصاية الهاشمية على المسجد الأقصى ورفع الولاية الدينية الاردنية عن الاماكن المقدسة, فما الذي يلزمنا بالتمسك بنصوص المعاهدة اكثر من التزامنا بنصوص القرآن الكريم؟.

آن الاوآن أن توضع المعاهدة في ميزان المصالح الاردنية, ومع احترامي لموقف مجلس النواب بهذا الخصوص الا ان السجل القريب للمجلس يضعنا في ريبة من جِدّية المجلس وبقدرته أيضاً على ممارسة دوره الدستوري باعتباره ممثلاً لسلطة الشعب ومصدرا منتجاً للحكومات او مسقطاً لها.

نتمنى ونخشى -ومعنا الحق- ان يتحول المجلس الى مسرح استعراضي نشجب فيه ونستنكر ونشتم الحكومة بقسوة ثم تودي بالابل .

ايها السادة النواب الشجب والاستنكار دور الاحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني, وبدلاً من حرق العلم “الإسرائيلي” تحت القبة ننتظر منكم ان تحرقوا المعاهدة البائسة وانتم اليوم في الاختبار والاختيار بين القدرة والفعل او الاستكانة او الاستقالة ورحم من عرف قدر نفسه فأراح واستراح .

بقي القول أن لدينا اوراقاً اخرى لا تقل اهمية وفي مقدمتها اعادة العلاقة مع حركة حماس فهل نحن فاعلون او قادرون؟

“صحيفة المقر”

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.