صحيفة الكترونية اردنية شاملة

انقاذ جنيف 2!

0

لن ياتي الحل من جنيف بعد فشل الجولة الثانية من المفاوضات بين النظام والمعارضة في سوريا، والخلاف اليوم هو على جدول الاعمال ولما يدخل الفريقان في تفاصيل اي من القضايا الشائكة بعد. الحل يكمن في اتفاق واشنطن وموسكو على الخطوة الثانية التي تلي انعقاد جنيف 2 وهو ما لم يحصل حتى الآن. الروس وعلى لسان وزير الخارجية سيرجي لافروف يساندون موقف وفد النظام بالبدء بملف الارهاب اولا. وتصريحات الوزير الروسي تؤكد ان هدف المعارضة السورية ومن يقف ورائها هو تغيير النظام! هل يفاجئ لافروف هذا الموقف؟ بعد كل الدم والدمار هل يتوقع الروس استمرار الرئيس بشار الأسد واطراف حكمه وكأن شيئا لم يحدث في السنوات الثلاث الماضية؟

وعلى الجانب الآخر لا يبدو ان لدى واشنطن تصور واضح للحل السياسي في سوريا، واعلن وزير الخارجية جون كيري ان الرئيس اوباما طلب الاطلاع على خيارات اضافية. هل توقع الاميركان وائتلاف المعارضة ان يوافق نظام دمشق على التخلي طواعية عن سلطاته لهيئة حكم انتقالي وهو لم يفعل ذلك حتى بعد ان وصلت الحرب الى ضواحي دمشق؟

المفاوضات بالشكل الحالي لن تغير شيئا، والواضح ان النظام يستغل انشغال المعارضة وانقسامها لاعادة تموضعه على الأرض بمحاولته استعادة حلب وشنه هجمات في مناطق القلمون بهدف اخراج الثوار من يبرود وتشديده الحصار على الغوطتين وبفتحه مؤخرا لجبهة درعا. ذلك يؤكد على اصرار النظام على الحل العسكري رغم استحالة انتصار أي جانب بنظر المحللين الغربيين.

وحتى اقتراح الوسيط الدولي العربي الأخضر الابراهيمي مناقشة موضوعي الارهاب والهيئة الانتقالية بشكل متواز فشل في الحصول على دعم الطرفين. وتحاول موسكو افشال أي قرار في مجلس الأمن يتعاطى مع الازمة الانسانية التي تشكل في رأيي مدخلا مقبولا، في الوقت الحالي، لاستمرار المفاوضات. وكانت تجربة الهدنة المؤقتة في حمص القديمة، على علاتها، ارضية مناسبة للبناء عليها في جبهات اخرى.

لن يكتب لجنيف 2 النجاح اذا ما فشلت كل من واشنطن وموسكو في التوصل الى ارضية مشتركة تدعم استمرار المفاوضات ضمن اطار الحل السلمي. مراقبون اسرائيليون يتوقعون استمرار الأزمة السورية لعشر سنوات قادمة على الأقل تنتهي بتقسيم سوريا وتعزيز تواجد الجهاديين السنة على الحدود مع اسرائيل بينما يخرج حزب الله من الحرب بخبرات عسكرية واستراتيجية كبيرة.

انقاذ مفاوضات جنيف الآن يتطلب التركيز على الجانب الانساني في الوقت الحالي من خلال هدنة مؤقتة وفتح ممرات انسانية تخفف من آثار الحرب على المدنيين وتتيح للهيئات الدولية ايصال المساعدات. لا يمكن توقع اكثر من ذلك في ظل غياب افق سياسي موحد يجمع موسكو وواشنطن. النظام لن يغير موقفه والمعارضة لا تستطيع ان تجبره على ذلك.

في غضون ذلك ننتظر ان تعيد واشنطن حساباتها بعد ان يطلع اوباما على خياراته الاخرى وهي محدودة جدا. مأساة سوريا انها اصبحت ورقة ضمن عدة اوراق تلعب بها واشنطن وموسكو تمتد من اوكرانيا الى ايران وصولا الى ملف نشر الدرع الصاروخي الاميركي في اوروبا. يخطئ من يظن ان روسيا تقف مع نظام الأسد حبا فيه او حفاظا على وحدة سوريا وحماية لأمنها. ويخطئ ايضا من يظن ان اميركا تتدخل في سوريا لحماية الشعب السوري من نظام دموي.

المهم الآن هو وقف شلال الدم ولو بشكل مؤقت وعلى الابراهيمي ان يجعل من ذلك اولوية قصوى!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.