صحيفة الكترونية اردنية شاملة

صناعة الارهاب وتحديات المستقبل

0

خاص بصحيفة المقر

بعد أحداث الحادي عشر من أيلول عام 2001 وتفجيرات نيويورك الشهيرة نشأت مقاربات ونظريات مرافقة لما وصفته الإدارة الأمريكية بالحرب العالمية ضد الإرهاب, وبمعزل عن الاسئلة الحائرة حول هشاشة المنظومة الأمنية الاميركية القابلة للإختراق او عمّن قام بتلك العملية الكبيرة واللغز الغامض والجدل الذي لا زال قائماً عن دور قوى” خفية في التخطيط لتلك العملية او استدراج القاعدة لتنفيذها فإن توظيف الحدث ونتائجه الكارثية كشفت بسفور عن مخزون هائل من الحقد الاسود والنزعة الثأرية والانتقامية والأنانية “الميكافيلية” التي تتشح بها الإدارة الأمريكية.

بدأت أميركا القرن الجديد بالحرب ضد الإرهاب حسب نظرية “صراع الحضارات” “لصموئيل هنتجتون” ” فأحتلت أفغانستان والعراق وسالت أنهار من الدماء وأنتجت رفضاً للإستعلاء الأميركي الموصوف بالتفرد بإدارة اللعبة السياسية الدولية وتسآلت الادارة الاميركية عن سبب الكراهية لما اسمته بالثقافة الاميركية, ونسيت بأن الغطرسة المتمثلة بمنطق الرق السياسي للأمم وفقاً لنبؤة الفيلسوف “فوكوياما” و “نهاية التاريخ” هي السبب المنطقي لرفض الرغبة الاميركية الجامحة لاخضاع الجميع تحت سيطرة الكابوي الاميركي, عانت أميركا من عزلة دولية وسعت جاهدة للتخلص منها فأعلنت حرباً ناعمةً جديدةً لكسب العقول والقلوب وأعتبرت ان انظمة الفساد والإستبداد تؤدي إلى دول فاشلة ومناخات من التوتر والإحتقان والإحباط وأن التطرف القمعي والامني الذي تمارسه أنظمة الحكم العربية ينتج عنه تطرف في الإتجاه المعاكس يؤدي الى خلخلة الإستقرار في المنطقة والتاثير في منظومة الامن والسلم الإقليمي والعالمي واجتاح العالم موجاتٌ غير مسبوقة من العنف الثوري فائضة عن حدود الجغرافيا السياسية, تبنت اميركا على اثرها مقاربة سياسة جديدة عنوانها “دمقرطة المنطقة العربية” بهدف قطع الطريق امام ارادة الشعوب بتغيير المسار التاريخي واستعادة الحرية والانعتاق والتحرر والتحول الديمقراطي الحقيقي,

ولكن الإدارة الأمريكية تفاجأت بنتائج التجارب المخبرية السياسية في الانتخابات المصرية عام 2005 والانتخابات الفلسطينية عام 2006 لان تلك الإنتخابات أفرزت قوى” متناقضة مع المصالح الأميركية والصهيونية فأرتدت أميركا على اعقاب وعادت الى سيرتها الاولى بدعم الإستبداد والقمع والتزوير ومنع الشعوب من الحرية والنزاهة والتعبير عن إرادتها, وتجلى ذلك باسوء إنتخابات اردنية مغمسة بالتزوير عام 2007 بمباركة معلنة من السفارة الأمريكية في عمان.

ملخص القول بأن صمام التدفق القمعي المُزود لحالة الاستبداد في عالمنا العربي موجود في واشنطن وان التحول الديمقراطي يحتاج الى تاشيرة مرور من البيت الابيض واللوبيات المؤثرة في السياسة الخارجية, وان معادلة التغيير المفاجئة التي حصلت بفعل الإرادة الشعبية في الربيع العربي كانت خارج قواعد اللعبة السياسية ونطاق الحسابات الإستراتيجية ومن الطبيعي ان تشكل في حالة استمرارها معادلة جديدة في صياغة الواقع ورسم المستقبل وترتيب الأولويات والمصالح الامر الذي يفسر الثورات المضادة والإنقلاب العسكري في مصر وتعسر الثورة السورية ومحاولة اجهاض لأشواق الشعوب بالتحرر.

ملخص القول اننا مقبلون على مرحلة جديدة تنتعش فيها صناعة الارهاب وتوظيفه والمتاجرة بنتائجه فالمناخات الديمقراطية المرافقة للربيع العربي كادت ان تجفف منابع الارهاب وتفشل نظريتة, ولكن الموجة الانقلابية الفاعلة بقوة الدعم الاقليمي والدولي اعادت الامور الى مربعها الاول, وتنذر ببركان جديد تتطاير شظاياه في كل الانحاء.

بعد انتهاء حكم بشار الاسد سواءٌ أكان بحلٍ سياسي او ثوري فإن مخزون العنف سيفيض عن دائرة الاقليم ليضرب بقوة وعنف كل الارجاء فهل يدرك اصحاب القرار هذه الحقيقة ؟ وهل التخوف من هذا السيناريو يعالج بسن قوانين لمكافحة الارهاب؟ .

المجرب لا يحتاج الى تجريب, والتجربة تقول بان الارهاب صناعة المناخ القمعي والامني, وان المقاربات الفكرية والمراجعات السياسية واشاعة اجواء الحرية هي العلاج الناجز لتلك التشوهات, والا فانتظروا وانا معكم من المنتظرين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.