صحيفة الكترونية اردنية شاملة

من هو ولي أمر «داعش»؟!

0

عندما تتبرأ القاعدة من «داعش»، وعندما تتبرأ كل الأطراف الداخلية والخارجية منها، فهذا يقودنا إلى النتيجة الحتمية المنحصرة في خيار وحيد أنها صناعة النظام السوري دون أدنى مواربة، بالتعاون مع النظام العراقي، والإيراني، وكانت كل المؤشرات تقود إلى هذه الفرضية منذ إندلاع الأحداث على الأرض السوريّة، من خلال رصد مسارها، ومراقبة المشهد السوري الذي أصبح ضحية للعبة الاختراق الدولي والإقليمي.
الفرضية المنطقية تقول: إن التطرف كله عبارة عن لعبة دولية ويشكل بيئة خصبة للاختراق الكبير والعميق من الأجهزة الاستخبارية، على جميع المستويات المحليّة والإقليمية والدولية، وتؤكد التجارب البشرية على امتداد التاريخ أن أفضل بوابات الاختراق الاستخباري تكون من خلال التشدد والتطرف وأصحاب السقوف العالية والخطابات النارية، والمبالغات الشديدة في كيل الاتهامات، والكرم الحاتمي في خلع الأوصاف القاسية والنعوت بالغة القسوة.
لقد أتقنت الأجهزة الاستخبارية العالمية والإقليمية فن التعامل مع المجموعات المتطرفة، واستطاعت بناء نظريات جديدة في كيفية استيعابها وتوجيهها عبر التمويل والتسليح، وتسهيل عمليات النقل والجذب والحشد، وتتفاوت الدول في مستوى القدرة على الاستيعاب وفي مستوى الذكاء في الإخراج، وربما تكون إيران من اكثر الدول مهارة في الاستفادة من هذه الظاهرة ويليها وربما يوازيها النظام السوري، وكانت العراق والحرب العراقية والاحتلال الأمريكي من أكثر العوامل التي ساعدت هذه الدول على توجيه هذه الظاهرة وكيفية الاستفادة منها.
يستطيع المراقب للمشهد أن يقف على جملة من الحقائق المرعبة المتعلقة بنمو هذه الظاهرة الممتدة على الأرض العربية، ومدى عمق الاختراق الشبكي المعقد الذي أدى إلى حروب خفيّة بين الأجهزة، وإلى حروب بالوكالة تظهر في ميادين المواجهة المسلحة، عندما يتم فتح أبوابها الواسعة بفعل قوى متنفذة تملك المال والسلاح، وتملك خطوط التواصل وتستثمر في بيئات القهر والفقر والتخلف والجهل المزري الذي خلفته أنظمة القهر والاستبداد، وأنظمة التسلط والقمع، التي ولدت من رحم الانقلابات العسكرية، ولا تعرف إلّا لغة السجن والاعتقال والسحل والإفناء.
السؤال المهم في علم الجريمة وهو السؤال الأول يقول دائماً: من المستفيد من أجل الإمساك بخيوط المؤامرة، ولذلك كيف نجيب عن السؤال من هو الطرف المستفيد من (داعش) ؟! ولمصلحة من تعمل ؟ والإجابة لا تحتاج إلى قدر كبير من الذكاء، إذْ إنها تحولت إلى يد النظام الباطشة، وأصبحت توجه كل قوتها لتصفية المعارضة، وأصبحت تنوب عن النظام في الحرب التدميريّة، التي تهلك الحرث والنسل، وتضلل الرأي العام العربي والدولي، وتظهر في الوقت نفسه دور النظام في محاربة (الإرهاب المزعوم والمصنوع)، ويصبح النظام في نظر المجتمع الدولي أقل ضرراً على جميع الأطراف الإقليمية والعالمية بما فيها (اسرائيل)!؛ ما يولد قناعة لدى العالم بضرورة الحفاظ على النظام من أجل التخلص من هذا الوحش الضاري، وحماية العالم والإقليم من شبح الإرهاب المرعب!
دفعت الشعوب العربية ثمناً باهظاً خلال السنوات الماضية لضريبة حسن الظن بشعارات المقاومة والممانعة للعدو المحتل، التي لم تكن سوى غطاء مضلل لنهم السلطة والسطو على مقدرات الشعوب ونهب ثرواتها، وسوف تدفع ثمناً غالياً اضافياً لشعارات التطرف والتشدد والقتال الجاذبة للشباب الغاضب، وسوف نبقى جميعاً ندفع الثمن إن لم تسلك الشعوب العربية طريق البناء والتمكين الذاتي القائم على ثورة الوعي والفكر، والعمل البرامجي المنظم الذي يوجه الأجيال المتعلمة ويستثمر في العقل العربي، بعيداً عن التلاعب بالعواطف وبعيداً عن مسارات تضييع الوقت والجهد في صحراء التيه المطلق.

الدستور

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.