صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ربط مغلوط بين الربا والفائدة

0

في مخيلة المعظم الأعم من المسلمين يرتبط مفهوم الربا المحرم شرعا بشكل مباشر مع مصطلح “الفائدة” سواءا كانت هذه الفائدة دائنة أو مدينة، و بصرف النظر عن مقدارها أو طريقة احتسابها.

هذا الربط المباشر و الحصري يفتقر الى الموضوعية لأسباب تتعلق بالمفهوم و التطبيق العملي و الاقتصادي، و هو ما يحتاج من وجهة نظري الى مزيد من اجتهاد المختصين بغية ربط المفاهيم الشرعية بمتغيرات الحياة المسارعة و ما يترتب عليها من تقلبات في البيئة الاقتصادية

أما اثبات عدم انصاف الربط بين الفائدة و الربا فممكن من خلال الحالات و الأمثلة التالية:

أولا: من الممكن لقرض من دون فائدة أن يكون ربويا في حال معرفة المقرض المسبقة بعدم قدرة المقترض على السداد، حيث يصبح الغرض من القرض في هذه الحالة الاستحواذ على أملاك المقترض بشتى ضروبها و أنواعها، وصولا الى السيطرة على آرائه الفكرية أو السياسية.

و من الأمثلة الموسعة على هذه الحالة ما حصل في الولايات المتحدة قبل 2008، حيث أسهب المقرضون في منح قروض الاسكان حتى لمن لا يمتلكون وظيفة أو دخلا ثابتا، ليس بهدف الحصول على الفائدة انما بغية الحصول على المنزل المرهون الذي يفترض ان يرتفع سعره مع الزمن.

ثانيا: ألا يعتبر من الربا و الغبن أن يستلف شخص من صديقه مبلغ 1000 دينار في ستينات القرن المنقضي ليعيده كما هو سنة 2013، رغم الانخفاض الكبير الذي طرأ على قيمة النقد و الارتفاع المقابل في مستوى الأسعار خلال مدة القرض. أولا ينطوي المثال السابق على فائدة ضمنية ربحها المقترض على حساب المقرض، و بما يناقض أبرز شروط التعاقد.

أما بالنسبة لفائدة الودائع، فتنطبق عليها أيضا الحالات الجدلية السابقة على فرض ان المودع هو المقرض فيما البنك هو المقترض.

و من جهة أخرى لا يمكن انكار دور فائدة الودائع في اعادة توزيع الثروة و تقليص الفجوة بين طبقات المجتمع من خلال السماح لصغار المودعين من قطف ثمار النمو الاقتصادي عبر فوائد ودائعهم، خصوصا و ان انشاء المشاريع الصغيرة قد اضحى مكلفا و عرضة أيضا لمنافسة المشاريع العملاقة.

ما ورد في هذا المقال هو تحليل اقتصادي مجرد لا يرى صحة في الربط الدارج بين الربا و الفائدة. أما الشرع و الافتاء فأمور ليست من اختصاص الكاتب نتركها لأصحابها يجتهدوا فيصيبوا أو يكتفوا بالحصول على أجر الاجتهاد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.