صحيفة الكترونية اردنية شاملة

لكيلا نشتري الوهم من جديد

0

خاص بصحيفة المقر

الحمدلله الذي لا يُحمد على مكروه سواه, والحمد لله أن المنخفض الجوي الذي شرفنا بزيارة خاطفة لم يكن إعصاراً عميقاً, ولا زلزالاً مدمراً ولا بركاناً مهلكاً للحرث والنسل, هو المنخفض الذي بشرتنا به الحكومة قبل قدومه, ثم تحول الى موجة قطبية وبعد ذلك الى عاصفة ثلجية, صحيح انها كانت قاسية ولاذعة ولكنها لم تكن مفاجئة وكانت عارضة, رحلت غير ماسوف عليها وأورثتنا ندوباً قاسيةً ومعاناة شديدة, وكشفت عن سوءآت فاضحة وتركت القوم يتلاومون ويتحاسبون وينشغلون بحساب الخسائر التي خلفتها العاصفة, ويبحثون عن كبش فداء يقدمونه على مذبح الغضب الشعبي الذي كاد ان ينفجر.

لا اغفل النوايا الحسنة ولا أُقلل من شأن المبادرات الوطنية والجهود المقدرة التي بذلتها جهات رسمية وشعبية وفي مقدمتها الجيش العربي.

لكن المصارحة تقتضي ان نقول إن “العليقة عند الغارة لا تنفع ” هكذا تعلمنا من موروثنا الشعبي, وهذا ما يقوله علم الادارة ايضاً, عندما صنعت اول كاميرا في العالم كان يجب على من يريد الحصول على صورة له ان يجلس امامها ثمانِ ساعات حتى يحصل على مراده, ويبدو أننا بحاجة ان نجلس امام التجارب البدائية في مواجهة الطوارىء ثمانية عقود.

هدأت العاصفة ولا زالت آثارها باقية وشاهدة على فشل الادارة وسوء التقدير وضعف التعامل مع مخلفاتها, وإذا كانت الواقعة المؤلمة لم توقظنا بعد من حالة من الذهول والخدر ولم تحرك فينا احساس التحدي واليقظة والتوقف عن سلوك العاجز الذي يبحث عن فزاعة يعلق عليها تقصيره ويبرر بها فشله, فان مسلسل الخطايا والفشل سيستمر ايضاً.

السؤال الذي يستوجب المكاشفة, ما هو الحدث الكفيل بايقاظنا من غفوتنا؟ ويفرض علينا المراجعة والتقويم؟ وهل حالة الاسترخاء التي تعيشها مؤسساتنا قادرة على النهوض والتقدم نحو المستقبل الذي لا ينتظر كسولاً او جاهلاً؟ وهل السلوك الاداري الذي يبرز بسرعة عند كل المنعطفات ويكشف عن تأجج الصراع بين مراكز النفوذ يصب لصالح الدولة الاردنية؟ وهل اطلاق الابواق الدخانية الهادفة الى خطف الاهتمام وافتعال معارك جانبية وكلما ” دق الكوز بالجرة ” والهجوم على الحركة الاسلامية واتهامها بالتبعية لاجندات خارجية يساهم في المعالجة العلمية؟.

ايها السادة المنخفض ليس من صنع المعارضة وهوية العاصفة الثلجية قطبية وليست إسلامية, فهل يمكن ان تقولوا خيراً تُؤجرون عليه, او تعيروننا صمتكم.

ليست هذه حالة الفشل المعزولة عن السياق وإنما ازمة جديدة مضافة الى الحساب, فازمة التعليم اختصرها الوزير بتصريح صادم ومثير وملخصه ان مئة الف من ابنائنا لا يجيدون قراءة الحرف او كتابته, وازمة الاقتصاد اعمق من كل المنخفضات الجوية والابآر الجوفية, واصبح اللجوء الى بيوت المال العالمية والترحيل الدائم للازمة الطاحنة, والرضوخ لمطالبهم برفع الاسعار واقامة المشاريع الاقتصادية التطبيعية مع العدو الصهيوني والارتهان لاشتراطاتهم منهج التعامل الوحيد ودون التفكير بالبدائل الوطنية والقومية المتعددة, وظاهرة العنف المجتمعي تأكل الاخضر واليابس قبل ان تنهش من هيبة الدولة, والانتخابات المتعددة انتجت مؤسسات عاجزة عن القيام بدورها الدستوري واصبحت عبئاً إضافيا على الحالة, والاخطر من كل ذلك ملفات الفساد التي تستفز الوجدان الوطني وتتكشف ملامحها في كل المواسم وقبل ان يُغلق ملفٌ يظهر الى السطح ملفٌ اخر, انه -مبنى الازمات- ولا زال في بدايته.

بصراحة هل هذه الدولة التي حلم بها الاباء وضحى من اجلها المناضلون وبشر بها المفكرون؟

الصوت المبحوح لا يصل الى أسماعكم والنصيحة المخلصة لا تجد طريقها الى آذانكم, والقوى الوطنية المطالبة بالاصلاح من اجل تحمل معكم المسئولية, فالحكم في الثقافة الوطنية ليس مغنماً وانما هو مغرمٌ, واذا كان فهمكم كذلك فلماذا الاعراض؟ وتجاهل الشعب؟ واحتكار السلطة؟ والاستئثار بالنفوذ؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.