صحيفة الكترونية اردنية شاملة

عندما يسرق السجّان هوية الضحية!!

0

اصابني بالصدمة والدهشة عندما اعلن الرئيس الفلسطيني قبوله باستئناف المفاوضات واستمرارها رغم كل ما يحصل على الارض ، ودهشت اكثر عندما اعلن جون كيري راعي المفاوضات عن امكانية تمديد المفاوضات لتسعة اشهر اضافية ، وهي وسيلة شرعية لمنح اسرائيل المزيد من الوقت لتهويد القدس وتوسيع الاستيطان وخلق واقع جديد في الضفة المحتلة.
المفاوضات ، كما هو معروف ومألوف تجري بين صاحب الارض والحق المهزوم وبين مغتصب مناور ومراغ وجريء لدرجة الوقاحة، يبالغ في مطالبه كما يبالغ في الهجوم على سياسة الولايات المتحدة وينتقدها بهدف المزيد من الابتزاز.
الولايات المتحدة تعمل في المنطقة من اجل امن ومصالح اسرائيل اكثر من خدمتها المصالح الاميركية . فواشنطن ومن خلال التوافق مع موسكو استطاعت ان تريح اسرائيل من هاجس الاسلحة الكيماوية السورية ، كما نجحت في فرض رقابة على المفاعلات النووية الايرانية وانهاء قضية الاسلحة النووية الايرانية في الحاضر والمستقبل ، دون اشعال حرب اقليمية جديدة ، وهو ما لم يعجب نتنياهو لاسباب داخلية تتعلق بالصراع على السلطة بين الاحزاب في اسرائيل.
واذا توقفنا عند الخطة الاسرائيلية المتعلقة بالمفاوضات مع القيادة الفلسطينية نجد ان تل ابيب تريد فرض شروطها التعجيزيةعلى المفاوض الفلسطيني ، واولها الاعتراف بيهودية اسرائيل والقبول بعدم طرح قضية عودة اللاجئين، في حين ذهب المفاوض الفلسطيني الى الطاولة دون شروط مسبقة واكتفى الجانب الفلسطيني بالتلميح الى التمسك بقضايا الحل النهائي دون تفصيل .
وأخطر ما في الامر هو التفاوض في ظل استئناف الاستيطان بلا حدود او قيود ، وهو ما جعل الفريق الفلسطيني يدور في حلقة مفرغة تحيط بها التفاصيل التي اضاعت القضية الاهم وهي مسألة الاحتلال برمته الذي هو القضية كاملة.
الحقيقة ان القضية الفلسطينية اصبحت منسية على الصعيد العربي ، ولم نعد قادرين على المطالبة باعادتها الى البيت العربي لأن هذا البيت تشتعل فيه الحرائق تحت شعار الربيع العربي . لذلك نقترح باعادة قضية فلسطين الى الشرعية الدولية ، وهو ما تقاومه اسرائيل بدعم اميركي واضح ومعلن ، لأن الثابت ان السلطة الفلسطينية اصبحت تواجه منفردة دولة مدججة بالسلاح وفاقدة لكل القيم الاخلاقية والانسانية في سلوكها ومماساتها.
لذلك المطلوب الآن اعادة القضية الفلسطينية الى المسرح الدولي والى الشرعية الدولية مع اعادة تشكيل التوازن الدولي الجديد متعدد الاقطاب، بعدما كانت القوة وحدها تفرض مفاهيم وقيم الحرية والعدالة والسلام في العالم الذي تجاهل او تناسى حقوق آخر شعب يخضع لاحتلال عسكري استيطاني في العصر الحديث .
اللآن حان الوقت لاعادة القضية الفلسطينية الى مساقها ومسارها الصحيح الذي يقود في النهاية الى تحرير الارض والشعب والانسانية المقهورة، فهم لا يعرفون ان الوعي العالمي بدأ يستيقظ ويتساءل عن حتمية اقامة الدولة الفلسطينية وعن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ، لذلك يحاولون تهويد الارض واحتلال الذاكرة ، ويطلبون من الشعب المحتل ان يقدم المزيد من التنازلات من اجل امن وسلامة السجّان الذي سرق هوية الضحية .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.