صحيفة الكترونية اردنية شاملة

القاهرة وترويدة النيل..

0

اعلن قائد الطائرة عن ضرورة ربط الاحزمة استعدادا للهبوط في مطار القاهرة، ولكنه عاد ليعلن اننا سنحوم في الاجواء لبعض الوقت بسبب كثافة حركة الطيران في المطار. كم اسعدني هذا الخبر لأنه يشير الى ان الاوضاع بدأت تعود الى طبيعتها ، وتتجه نحو الاستقرارفي مصر.

نظرت عبر النافذة الى القاهرة من علو، رايتها على حالها وفي موقعها بنيلها وتاريخها وجمالها، تزينها سلاسل وقلائد من الاضواء تنير عتمتها وتضيء لها الطريق الجديد الى المستقبل الافضل . عدنا اليها او عادت الينا ، لافرق، الاهم انها استعادت روحها ، وهي تتحفّز لاستعادة دورها ، رغم التنافس بين المحاور العربية والاقليمية والدولية على استمالتها والاستناد الى ثقلها السياسي والعسكري والديموغرافي .

بعد حين هبطت الطائرة ودخلناها آمنين . وعندما وصلت الى الفندق المجاور لساحة التحرير والمطل على النهر الخالد كانت الساعة تقترب من منتصف الليل، وكانت القاهرة الساهرة الساحرة تستعد للنوم على ترويدة النيل الذي يروي للمدينة حكايات واسرار الماضي همسا . ذلك النهر التي امتزجت مياهه بلون طين مصر وقطرات عرق الفلاحين .

وكعادتها استيقظت القاهرة باكرا وبدأ قلبها المعتصم في وسط جسدها ، واعني ميدان التحرير، ينبض بالحياة ويعلن اننا دخلنا في يوم جديد مع اطلالة الفجر، الذي يعيد الى الذاكرة اغاني سيد درويش الذي يصف تلك اللحظات بما يحمل الفرح والتفاؤل .

ما شاهدته يبشّر بأن مصر استعادت روحها واستقرارها وحياتها الطبيعية، رغم البؤر المتناثرة على جسدها الكبير والتي تحاول عبثا اعاقة مسيرتها المندفعة الى الامام كما تدفق جريان النيل منذ بداية التاريخ. لقد شاهدت مسيرات وتظاهرات بعيدة عن العنف والفوضى ، لأن لكل مواطن حرية التعبير والتظاهر بالوسائل السلمية وحماية الدولة والقانون . رايتهم يتجمهرون ويتظاهرون بحرية امام مجلس الشورى ونقابة الصحفيين ، وهتفوا ضد حكم العسكر والاخوان ، وقالوا انهم يمثلون الخيار الثالث ، ولكنهم كانوا باعداد شبابية قليلة ، لا اعتقد ان لهم بعض الثقل او القدرة على التأثيرفي سير الاحداث وتطوراتها في مصر.

الثابت ان مسيرة الاصلاح تتقدم بخطوات بطيئة في مرحلة تحتاج الى تسريع في التخطيط والتنفيذ واتخاذ القرارات الجريئة والحاسمة للشروع بدوران عجلة الانتاج والتعويض عن خسارة المرحلة السابقة من اجل اعادة انتعاش الاقتصاد المصري ، خصوصا بعد انتهاء مرحلة الفساد والفاسدين ، مع ظهور الثورة التي ايقظت مشاعر الانتماء والوفاء لمصر في صفوف الشعب.

ما تحتاجه مصر الان هو الاستمرار في تنفيذ برنامج التصحيح وفق رؤية خريطة الطريق ، وتسريع عملية انعاش الاقتصاد وتحسين الانتاج والتنمية ، واعادة النظرفي الواقع الزراعي من اجل العودة الى زراعة القمح والقطن ، بعدما تمت مقايضة قمح مصر وقطنها وخبز الفقراء بقروض البنك الدولي والمساعدات الاميركية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.