صحيفة الكترونية اردنية شاملة

عقد إذعان وخسارة الرهان

0

خاص بصحيفة المقر

واجهت جمهرية ايران اكبر ازمة في تاريخها الحديث, بقدرة فائقة على المرونة والانحناء امام عاصفة شديدة كادت ان تعصف بها وتعجل بتفاعلات سياسية واقتصادية واجتماعية شديدة الخطورة والتوتر ومن شانها ان تضع احتمالات المستقبل الايراني على صفيح ساخن او على كف عفريت.

هل عبرت ايران الازمة وتجاوزت المعضلة ؟ هذا هو مدار البحث والاهتمام والترقب الذي يسود الاجواء الاقليمية الملبدة بالغيوم الداكنة, وستبدي لنا الايام خفايا ماكان مستوراً, ايران من جهتها استخدمت براعتها السياسية ومرونتها الواقعية وعلاقاتها الاقليمية والدولية واستطاعت شكليا ان تتفادى زلزالاً من العيار الثقيل الى حين معلوم, ما فعلته ايران هو احالة الازمة الى المستقبل وتاجيل الانهيار الى امد قريب, وتراهن على ان تكسب الوقت وان تماطل في تنفيذ الاتفاق الايراني مع مجموعة( 5+1 ) بقيادة الاولايات المتحدة الاميركية.

اذا كان التاريخ يعيد انتاج نفسه بالوان واشكال متعددة, فان سيناريو الانهيار الذي ضرب اركان الاتحاد السوفيتي وادى الى تفككه تحت عنوان البيروستريكا واعادة البناء هو الشبح ذاته الذي لا زال يهدد الجمهورية الايرانية.

واذا كان الاستنزاف الذي اصاب الاتحاد السوفيتي القديم نتيجة لاحتلال مجنون لافغانستان هو السبب الرئيس في حالة الانهيار والتفكك, فان التورط الايراني في الملف السوري بلا حدود,هو السبب الرئيس ايضا في وصول الازمة الايرانية الى حافة الهاوية.

ايران وان بدت متماسكة ومنتشية بعد توقيع الاتفاق لكنها في الحقيقة وقعت صك الاذعان ولا تملك غير ذلك, واذا استمرت في عنادها وتمسكها ببقاء بشار الاسد ولم تتخلص من العبء الثقيل وتقدم المزيد من التنازلات السريعة في الملف السوري في جنيف 2, فسوف تصل الى احد خيارين اولهما ان يتحطم كبرياؤها وغطرستها على صخرة الثورة السورية وتذهب الى مستقبل مجهول يصعب التكهن بمخرجاته ومآلاته, وثانيهما ان تقدم ثمنا باهضا في لحظة يصعب معها التراجع بعد ان يتسع الرتق على الراتق.

تراهن ايران على عوامل الوقت والسياسة الباطنية والتقية المذهبية ولكن قواعد اللعبة الدولية لا تسمح بالمرور الا اذا اجهض المشروع النووي الايراني, تماما مثل ما فعلت اميركا بالعراق زمن صدام حسين, وتفعل طواقم التفتيش الدولي على الاسلحة الكيماوية في سوريا,

البطن الايراني سيكون مفتوحا والقدرة على المقاومة محدودة ولا مجال للمزيد من المناورة فالزوايا ضيقة وحادة وآخذة بالانغلاق التدريجي,

ايران اليوم تعاني من عزلة شديدة ولن تكون شرطي المنطقة كما كانت عهد الشاة بعد ان يتم تقليم اظافرها وخلع انيابها,

وان كان السؤال التقليدي مطروحا وباستمرار من هو المستفيد ؟ ومن هو المسئول عن كل ذلك؟, لا شك ان السياسة الايرانية التي ورطت المنطقة بحروب بينية واصطفافات طائفية ومذهبية هي التي اوصلت المنطقة الى هذا الحد من الخراب والاستنزاف في لبنان والعراق وسوريا واليمن والبحرين, اما المستفيد الاكبر مرحليا فهي ” اسرائيل” التي تخلصت من شبح الدمار الشامل وتخلصت من القوى المرشحة للتاثير في العراق وسوريا ومصر, ولكن الى حين محدود,

تجارب التاريخ تقول اننا امام محطات تغيير كبيرة ومنعطفات هائلة من شانها ان تصوغ المنطقة وفقا لمصالح الشعوب التي كسرت حواجز الخوف وتخطت مرحلة التحكم عن بعد وهي قادرة على النهوض ومواجهة كل العوائق والقوانين الهادفة الى محاصرة الارادة واعادتها الى الصندوق,

بقي القول ان الكّيس من اتعظ بغيره ونهاية التاريخ لا يرسمها فوكوياما ولا تتحكم بها اميركا ومصيرها مثل بقية القوى المستكبرة التي سادت ثم بادت, وان كان السؤال متى ذلك؟ فالجواب ان الزمن يعمل لصالح العزيمة الذاتية والارادة الشعبية, وطول النفس عند الشعوب ارحب من قدرة الانظمة والدول على الاحتمال.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.