صحيفة الكترونية اردنية شاملة

هجوم دبلوماسي روسي غير مسبوق ..

0

تشهد الساحتان الاقليمية والدولية حراكا سياسيا ودبلوماسيا روسيا غير مسبوق ، يذكرنا بمراحل سابقة بلغ فيها نشاط موسكو الدبلوماسي ذروته عندما كان غروميكو وزيرا لخارجية الاتحاد السوفياتي.

في المشهد الدولي حراك دبلوماسي روسي على مدار الساعة ، وفي داخل اطار العمل الروسي الراهن نرى وزيري الدفاع والخارجية في القاهرة لتعزيز العلاقات التي دمرها السادات في بداية السبعينات، وهي زيارة كانت ضرورية لدعم مصر واعادتها الى دورها السياسي الفاعل والمؤثرعلى الصعيد الدولي ، عبر اتفاقيات سياسية وعسكرية وثقافية .

وفي مشهد آخر نتابع اخبارتطورات العلاقات الروسية السورية عبراتصالات موسكو مع كافة اطراف الصراع في سوريا ودوتهم لزيارتها، من اجل ضمان عقد مؤتمر جنيف الثاني ، وبالتالي ايجاد حل سلمي للازمة السورية .كذلك تتابع موسكو ، بل تدير، المفاوضات بين طهران والدول الكبرى من اجل حل مسألة الملف النووي الايراني سلميا ، وابعاد شبح الحرب الاقليمية .

وفي المشهد ايضا زيارة الرئيس الروسي الى كوريا الجنوبية ، وهي الزيارة التي تستحق ان نتوقف عندها ، لأنها تهدف الىى نزع فتيل الانفجار الكبير الذي يهدد السلم العالمي نتيجة الخلافات بين الكوريتين ، والذي يصل احيانا الى حافة الهاوية ، وبمشاركة اطرافه الاخرى، واعني الصين واليابان، نتيجة حماقة السلوك الاميركي الذي يصب الزيت على النار في تلك المنطقة المتوترة ، ويعمّق النزاع بين البلدين .

ومن يتابع باهتمام خريطة الحراك الروسي ،وبرنامج الرئيس بوتين ووزير الخارجية لافروف ، ونتائج هذا الحراك ، يعرف حجم الهجوم الدبلوماسي في الشرق الاوسط والعالم ،ويستطيع ان يؤكد ، وبلا مبالغة ، ان 99 بالمئة من ملفات القضايا الاقليمية والدولية اصبحت بيد روسيا اليوم، وان النظام العالمي الجديد الاكثر عدلا قد اصبح حقيقة .

هذا الواقع العالمي الجديد يذكرني بعبارة كتبها الروائي العالمي جورج اورويل , فقال ما معناه :” قول كلمة حق في عالم مخادع يعتبر عملا ثوريا ” . والدورالذي تقوم به روسيا اليوم يعتبر عملا ثوريا على الصعيد الدبلوماسي ، لأنها تقود حركة تصحيحية دولية. فموسكو، ومعها من يحالفها، تسعى الى خلق حالة من التوازن الدولي وحل الخلافات بين الدول بالوسائل السلمية وعن طريق الحوار، واذكر ان هذه النقاط حملها برنامج الرئيس الاميركي اوباما الانتخابي في معركته الاولى ، ولكنه لم يلتزم بمضمونه رغم فوزه بالرئاسة وبجائزة نوبل للسلام ايضا.

وهذا الحراك السياسي والدبلوماسي الروسي يأتي في اعقاب سلسلة من الحروب التي اشعلتها الادارات الاميركية المتعاقبة منذ سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفياتي ، وهو الحدث الذي اسقط العالم في مخالب النظام العالمي وحيد القطب بقيادة الولايات المتحدة . التي اعتمدت أكثر من مكيال في تعاملها مع قضايا الشعوب والدول، وفي مقدمة هذه القضايا قضية الشعب الفلسطيني ، حيث انفردت في رعاية المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية تحت مظلة الانحياز لمصالح اسرائيل تحت عنوان الالتزام الكامل بامنها واستقراها ، والصمت امام منح اسرائيل المزيد من الوقت لخلق امر واقع جديد. وهذه القضية المنسية دوليا تحتاج اليوم الى من يضمها للحراك الدبلوماسي الروسي ، أو اعادتها الى البيت العربي والى الشرعية الدولية.

والثابت الان ان الدبلوماسية الاميركية تحاول ان تكون حاضرة في المنطقة ، عبر شراكة ظاهرة بين موسكو وواشنطن ، الا انها تتراجع خطوة الى الخلف او تنحني للعاصفة الدبلوماسية الروسية في بعض الاحيان، لأسباب اميركية داخلية وخارجية ، وربما تكون سياسية وعسكرية واقتصادية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.