صحيفة الكترونية اردنية شاملة

أحرار في بيت الإخوان.. انكسر القيد لا الإرادة

0

خاص بصحيفة المقر

الاحتفاء بالاحرار مساء الأمس في مقر الاخوان المسلمين بالعبدلي كان احتفالاً متدفقاً بالعنفوان الوطني عبر عنه الأحرار الذين خاضوا تجربة السجن والاعتقال والقيد دون ان يعرفوا او نعرف سبب الاعتقال او سبب الاطلاق, بالأمس ارتسمت لوحة وطنية زاهية معبرة عن وجدان الحالة الشعبية تماهت فيها الألوان المتعددة والمنابع المختلفة فكرياً والمتوافقة على تقديم المصالح الوطنية على كل الاعتبارات التنظيمية والانتماءآت الحزبية والارتباطات الوظيفية والمجتمعية.

ثقافة جديدة تترسخ في الوعي الجمعي للوطن, وتتعمق في الوجدان الشعبي مع مرور الزمن, عنوانها الإصلاح وأدواتها الفعل الشعبي الحضاري السلمي, وثمنها الإستعداد للتضحية والسخرية من عصا المعز والاستعلاء على ذهبه, وعدم الرضوخ لإكراه الفاسدين او الخضوع لاغواء المستبدين.

رسالتهم واضحة جلية بلسان عربي مبين لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد

وَإِذا الـجَبانُ نَـهاكَ يَومَ كَريهَةٍ خَوفاً عَلَيكَ مِنَ اِزدِحامِ الجَحفَلِ

فاِخـتَر لِـنَفسِكَ مَنزِلاً تَعلو بِهِ أَو مُت كَريماً تَحتَ ظُلِّ القَسطَلِ

مَـوتُ الـفَتى فـي عِزَّةٍ خَيرٌ لَهُ مِـن أَن يَبيتَ أَسيرَ طَرفٍ أَكحَلِ

إِن كُـنتَ في عَدَدِ العَبيدِ فَهِمَّتي فَـوقَ الـثُرَيّا وَالسِماكِ الأَعزَلِ

قَـد طالَ عِزَّكُم وَذُلّي في الهَوى وَمِـنَ الـعَجائِبِ عِزَّكُم وَتَذَلَّلي

لا تَـسقِني مـاءَ الـحَياةِ بِذِلَّةٍ بَـل فَاِسقِني بِالعِزِّ كَأسَ الحَنظَلِ

مـاءُ الـحَياةِ بِـذِلَّةٍ كَـجَهَنَّمٍ وسجون دنياكم بِـالعِزِّ أَطـيَبُ مَنزِلِ

صحيح ان تجربة السجن قاسية ومريرة لانها قيد على الحرية والحياة, ولكنها من اجل المعاني الكبيرة والمبادىء السامية تصبح محطة للنقاء الفكري والتطهير الروحي والتوقد الذهني والتوهج النفسي, في السجن كسرٌ للارادة او للقيد ولا ثالث لهما, فاما ان تنهار او ينهار سجانك انهيار للسجين او خزي للسجان وغالبا ما يقوى العود ويزداد صلابة بعد خلوة السجين بانس ربه ومولاه, وعندما يكون الخيار بين منظومة (الانهيار والانكسار والاذعان والعبودية) وبين العزة والكرامة والحرية فلا شك ان الاحرار سيختارون مدرسة السجن وهتافهم :

“رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ “.

اخي انت حرُ وراء السدود اخي انت حرُ بتلك القيود

في لحظة الادب الفلسفي لا فرق بين سجن صغير محدود بالجدران المرتفعة والاسلاك الشائكة ومحروس بالجنود المكرهين على هذا الدور, وبين سجن كبير بحدود الوطن واختطاف لارادة الشعب, وحسب المنايا ان يكن أمانيا.

وبمناسبة الحديث الذي ينغص صفو بعض النفوس فان الحالة بحاجة الى التفاتة مسؤولة, ففي السجن مظاليم كثر ولا يأبه بهم احد والظلم مرتعه وخيمٌ في الدنيا ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب والظلم ظلمات يوم القيامة فمن يحمل اوزار المظلومين؟ يوم لا ينفع مال ولا يشفع سلطان, “وقفوهم انهم مسؤلون”.

في دروس التراث حكم معبرة وعابرة, ومنها ظلم وقع لابن السلطان من معلمه ومربيه, وعندما استلم ولي العهد كرسي السلطة استجوب المعلم عن مرارة الظلم الذي تجرعه ولم ينساه, فكانت الحكمة :.

“أن من ذاق طعم الظلم فلن يقبل ان يظلم غيره” في سجون شيدت باموالنا وتستخدم لعقاب الاحرار, وندوب السجن تجرح النفوس الابية لانها قهر للرجال.

هل من الممكن ان يتنكر مسؤولٌ ويدخل السجن لمدة يوم واحد فقط؟ ويجرب بنفسه ولا يكتفي بالتقارير المنمقة وما يقبله لنفسه سيقبل به البقية .

لوحة الامس كشفت عن رسائل في غاية الاهمية لمن يهمه الامر ويعنيه الوطن تستوجب الاستماع الى الراي المغيب عن اصحاب القرار, فالتماسك والتفاهم تجاوز وحدة الصف الاخواني بحضور جميع الاجتهادات التنظيمية المجمعة على برنامج الاصلاح, وصولا الى ابراز اهمية الاطار الوطني الجامع الذي سيملأ الفراغ الناشيء عن عجز معظم الاحزاب السياسية والمؤسسات التقليدية .

اخيرا في زحمة الازمة وتدفق حالة البؤس التي يحتاج الناس فيها الى بعض الوقت للتلسية والقليل من الضحك كانت الرسالة في الرد على الرسالة الوطنية في حفل الاحرار, من جهة ما صاحبة قرار وتدير الامور من خلف حجاب مثل الاشباح حركة خفيفة ورعناء تمثلت باعتقال الناشط الاخواني الشاب معاذ الخوالدة لعدة ساعات والتهمة (مشاركته بفعالية في حي الطفايلة)!!!!!! هل يحتاج الامر الى تعليق؟

الشعب الاردني بدأ يكتسب مهارات مبدعة في انتاج النكتة الساخرة والمقالة اللاذعة والرسم المعبر والمسرحية الناقدة, وهي المؤشرات الواضحة لتحول الحال والمقدمات الطبيعية لانجاز الاصلاح الوطني الذي هو الخيار الوحيد للنجاة فهل نحن فاعلون؟ وقادرون ؟………

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.