صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ما بعد الانهيار!!

0

الفتنة الطائفية او المذهبية تجد في لبنان تربة خصبة ، او انه اكثر الدول العربية قابلية لمثل هذه الحروب والفتن لاسباب تاريخية تكمن في تراثه وتتراكم داخل حدوده السياسية والجغرافية والطائفية منذ اكثر من قرن ونصف اي منذ فتنة عام 1864في دير القمر .

بعد هذا التاريخ مر لبنان في سلسلة من الفتن والحروب الاهلية الطائفية تحت عناوين سياسية عديدة ومختلفة ، لذلك نراه الان يمر في مرحلة خطيرة من التوتر والسخونة المقلقة، حيث الخشية من ان تكون الساحة اللبنانية امتدادا لحروب اهلية طائفية وعرقية وقبلية تنتشر على مد النظر في الب لاد العربية ، وهي نتاج مخطط خارجي واضح تم الاعداد له منذ سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفياتي وانتهاء الحرب الباردة .

الثابت ان مشروع تدويل الازمات الداخلية في البلا د العربية ولد مع بعث النظام العالمي الجديد ، تحت عنوان حماية الاقليات الطائفية والعرقية وفرض الهيمنة الغربية على كافة البلاد العربية تحت هذا العنوان وباسم الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان ، واضف اليها الاصلاح ، خصوصا ان الاحوال في الدول العربية كافة مهيأة لمثل هذه الامور المتوفرة بوجود انظمة غير اصلاحية ولا تحترم حقوق الانسان .

وفي كتابه الذي يحمل عنوان ” اوديسا التعددية الثقافية ” تحدث الكاتب ويل كيمليكا عن هذا الموضوع القضية باسهاب . ولكن الاهم ان الحلقة الاولى من المشروع قد بدأ تنفيذه هذه المرة من العراق وهو العمق الاستراتيجي العربي الحقيقي والظهير لأكثر من دولة عربية تحيط باسرائيل وتدخل في حلبة الصراع العربي الاسرائيلي .

وكان الهدف من غزو العراق واحتلاله ليس تحرير الشعب العراقي من ” النظام المستبد ” حسب المزاعم الاميركية بل من اجل نشر الفوضى والعنف وتقسيم العراق على قاعدة عرقية وطائفية ، كما الحال الان . وقد استمر سيناريو الهدم والتخريب في البلاد العربية تحت عناوين مختلفة ومتعددة ، مرة بتحريك الاقليات ومرة بدافع الاصلاح والديمقراطية وحقوق الانسان .

وبالعودة الى المسألة اللبنانية والتطورات الخطيرة التي تدور احداثها في ساحته من فلتان امني واغتيالات لرموز سياسية وطائفية ، اعتقد ان سياسة النأي بالنفس بعيدا عن الاحداث المشتعلة من حوله لم نعد مجدية ،ولن تنقذه او تضمن حياده ، لأن هناك من يسعى الى عرقلة تشكيل حكومة جديدة توافقية ، من أجل احداث فراغ سياسي ، وبالتالي زج لبنان في اتون الاشتباك والعنف والفوضى وهي سمة المرحلة في الاقطار العربية في المشرق والمغرب معا .

وليس بالضرورة ان يكون اللاعبون الكبارفي الساحة اللبنانية من اللبنانيين انفسهم ، بل هناك اطراف عربية ودولية تحاول فرض الوصاية على اللبنانيين او على فئة متعاونة لاسباب مختلفة اواهداف محددة . كما ليس بالضرورة ان ينجح المشروع الغربي الذي صاحب ولادة النظام العالم الجديد ، لأن هناك مؤشرات حقيقية تبشر بنظام عالمي اكثر عدلا يتشكل في هذه المرحلة على قاعدة تعدد الاقطاب . وهذا يعني ان المشروع الغربي الذي ظهر ما بعد الشيوعية اصبح قيد السقوط في وسط الطريق .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.