صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الجدران والاحتلال بين المشكلة والحل ..

0

تتحرك اسرائيل بسرعة كي لا يدركها الوقت الذي يستعيد فيه العالم وعيه ويسأل عن الدولة الفلسطينية. فالدولة العبرية لا تعرف حدودها حتى الان ، لأن باعتقاد قادتها ان الدبابات هي التي ترسم الحدود ، ولأن اسرائيل بواقعها الحالي هي بداية مشروع صهيوني استيطاني توسعي يقوم على الخرافة وقوة الواقع والحق الديني المزعوم .

لذلك يسعى الاسرائيليون الان الى تنفيذ مشروع تهويد القدس ومن ثم تهويد الدولة بتوظيف اللحظة التاريخية في غياب الفعل العربي ، كما بدأت حكومة نتنياهو خطوتها التنفيذية التالية بالزحف تدريجيا الى المقدسات الاسلامية والمسيحية فسعت الى كسر الحاجزالنفسي فسمحت بتكراراقتحام المسجد الاقصى من قبل المتشددين اليهود من اجل التوصل الى صيغة جديدة تسمح باقتسام المسجد كخطوة اولية على طريقة ما حدث في الحرم الابراهيمي.

وبالاضافة الى النشاط اللاستيطاني المحموم ، الذي يرافق بداية كل مفاوضات فلسطينية اسرائيلية، اعلنت اسرائيل الان عن مخطط بناء سلسلة من الجدران تجعلها تعتقد واهمة انها في مأمن . وقد بدأ المخطط ببناء جدار الفصل العنصري الذي قسم ارض الضفة الغربية ، ثم الجدار الفاصل بين النقب وسيناء من جهة ايلات صعودا ، وبعدها الجدار الفاصل بين الحدود الفلسطينية الاردنية ، والذي يهدف الى سد كل المنافذ امام قيام دولة فلسطينية بلا معابر.

هذا المخطط يعيد اسرائيل الى عقيدة القلعة ، والى عزلتها، فهي ببناء الجدران تتحول الى سجن كبير تحت عنوان الاحتياجات الامنية ، على الرغم من ان الجدران والقلاع المحصنة لم تعد قادرة على تأمين الحماية.

ولكن الاهم من كل ما سبق ان بناء هذه الجدران هو اعتداء على حقوق الشعب الفلسطيني ، وهو سلوك عدواني هدفه نسف المفاوضات التي تتمسك بها السلطة الفلسطينية حتى هذه الساعة رغم عبثيتها ، اضافة الى انه مشروع يهدف الى جعل قيام الدولة الفلسطينية المترابطة مسألة مستحيلة.

الثابت ان كل ما تسعى اليه الحكومة الاسرائيلية اليمينية المتشددة ، بكل مكوناتها ، هو كسب المزيد من الوقت ، ودفع الفلسطينيين الى قطع الحوار ، لأن كل الاطراف الاسرائيلية متفقة متفاهمة على منع قيام الدولة الفلسطينية ، وهو موقف منسجم تماما مع رغبات ومعتقدات المجتمع الاسرائيلي الذي يعتنق التشدد ويجنح نحوالتطرف في غالبيته، ان لم نقل كله.

هناك قناعة اسرائيلية ان قيام دولة فلسطينية يهدد وجود اسرائيل لأنهم يعرفون ، في وعيهم ولا وعيهم ان اسرائيل دولة احتلال وان الارض لاصحابها، لذلك يعانون من ازمة وجود . ولكن نرى انه لم يعد بمقدور نتنياهو الاستمرار في القفز على حبل الواقع الراهن ، او التسلح بالخرافة والاسلحة الفتاكة .

يجب ان يعرف نتنياهوانه يعيش في عالم متغير بتحالفاته وتوازن القوى فيه، وأن عهد مشروع الاستيطان والتوسع وتهويد القدس وانكار حق اللاجئين بالعودة ونكران قيام الدولة الفلسطنية وفرض حالة اللاحرب واللاسلم قد انتهى .

الفلسطينيون يعرفون وطنهم ، ولا بد لوعي العالم الذي استيقظ ان يسأل عن دولتهم . والى ان يحين وقت اكتمال العالم الجديد الذي يتكون اليوم على الشعب الفلسطيني في الداخل ان يجعل كلفة الاحتلال عالية جدا ، لأن الاحتلال هو المشكلة وانتهاء الاحتلال هو الحل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.