صحيفة الكترونية اردنية شاملة

كيف يكون التضخم مفيدا؟

0

قد يستغرب المعظم عنوان هذا المقال خصوصا بعد موجة التضخم القياسية التي هبت على المملكة خلال العامين الماضيين والناتجة أساسا عن ارتفاع أسعار المحروقات والكهرباء والمياه.

بيد ان ادبيات الاقتصاد ومعها تجارب كثيرة محلية ودولية تثبت بأن التضخم ضمن مستويات منطقية يمكن أن يكون مفيدا.

بل ان عكس التضخم ممثلا بالتراجع العام للأسعار يسبب قلقا لراسمي السياسة المالية والنقدية تماما كما تفعل مستويات التضخم المرتفعة.

تفسير وجود فائدة للتضخم يعود الى نقطتين أساسيتين: الاولى تتعلق بتآكل قيمة المال مع الزمن والثانية تتعلق بموازنة رغبة الوحدات الاقتصادية بين الإنفاق والادخار.

تآكل قيمة المال مع الزمن مفيدة للاقتصاد من بعض الجوانب وأهمها تخفيض قيمة القروض المترتبة على الأفراد والشركات والحكومة مع الزمن.

أما الامثلة على هذه الفوائد فمتعددة ويمكن ملاحظتها في الحياة اليومية، تماما كما يحصل عندما تجد فردا قام بالاقتراض قبل 20 عام لشراء منزل، ويبلغ قسطه الان مبلغا لا يتجاوز ال 80 دينارا شهريا.

على مستوى الدول تظهر ميزة التضخم أيضا في محاربة المديونية، وهو ما أثبتته الدراسات على المستوى الأمريكي، حيث كان معدل الدين العام هناك سيتجاوز ال 200% من الناتج المحلي الاجمالي لولا التضخم الذي أكل من قيمة مبلغ الدين عبر الزمن.

أما الموازنة بين الانفاق والادخار، فيلعب التضخم فيها دورا ايجابيا أيضا، ممثلا بدفع المستهلك الى الانفاق وحفز المستثمر نحو الاستثمار.

ذلك ان معرفة الافراد والشركات بأن الاسعار ترتفع مع الزمن يدفعهم الى الاستهلاك والاستثمار تجنبا لتكاليف أكبر في المستقبل، والعكس صحيح.

حيث تؤدي توقعات تراجع الاسعار الى تأجيل الانفاق من قبل الأفراد والشركات بغية الحصول على سلع وخدمات أقل تكلفة في المستقبل، وهو ما يسبب ركودا في الاسواق، وفي بعض الاحيان أزمات اقتصادية يصعب تداركها.

وما زال الجميع يذكر ما تسببت به توقعات انخفاض اسعار العقار والسيارات في الاردن من ركود في الاسواق فترة الأزمة المالية العالمية، وهو ما كان يمكن ان يقود الى أزمات اقتصادية حادة لولا الاجراءات الحصيفة للبنك المركزي الاردني.

النتيجة أن التضخم ظاهرة اقتصادية مفيدة طالما ان الادارة الاقتصادية تربط الاجور للتضخم وتعوض الطبقات الفقيرة عن تبعات ارتفاع الأسعار.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.