صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ما لا يجب عليك فعله عند إطلاق مشروع استراتيجي وطني هام

0

أسلوب إعلان الحكومة عن إقامة عاصمة اقتصادية وإدارية جديدة للمملكة هو الأسوأ على الإطلاق مقارنة بأسلوب الإعلان عن إطلاق نظيراتها من المشاريع التطويرية العملاقة في الوطن العربي والعالم… فبالرغم من قناعتي الكاملة بصحة الفكرة وجدواها من المنظور الاستراتيجي والتنموي، قناعة أعلنتها وروجتها تفصيليا ومنذ شهور، إلا أن التخبط الذي يحكم طريقة وأسلوب اعلان الحكومة عنها لغاية الان ينذر بافشالها فشلا ذريعا ومنذ البداية…
ألأصل في الموضوع أن تكون الرؤية واضحة أولا، فلغاية الآن توجد ثلاثة رؤى تم طرحها من قبل الحكومة: الأولى انشاء مدينة حكومية فقط (وهو ما لا أؤيده لقناعتي بعدم استدامة هكذا مدينة وسط الصحراء وخاصة في ضوء التوجه نحو الحكومة الذكية)، والثانية انشاء عاصمة اقتصادية وادارية فقط (وهو ما أؤيده جملة وتفصيلا ومنذ زمن)، والثالثة انشاء عاصمة جديدة سياسية واقتصادية وادارية متكاملة للمملكة (وهو ما لا أؤيده لأسباب مختلفة)… وهو أمر لم توضحه الحكومة لغاية الان ولا يبدو أن لديها رؤية واضحة فيه … ومنثم الانتهاء من كافة الدراسات والخطط التفصيلية الفنية والقانونية والمالية والتسويقية وتسجيل شركة مساهمة عامة لتنفيذ المشروع. يأتي بعد كل ذلك تحديد الموعد الملائم لإطلاق المشروع وطنيا وعالميا ضمن حفل عالمي يشمل أبرز المستثمرين والمطورين العقاريين والصناديق السيادية والعقارية في العالم… مع تزامن عملية الإعلان عن المشروع الاستراتيجي الضخم حملة إعلامية مكثفة في كافة وسائل الإعلام العربية والعالمية… بالإضافة إلى المشاركة الفاعلة في كافة المعارض العقارية الكبرى في العالم للإعلان عن هكذا المشروع…
اما الإعلان المجتزأ والمتخبط وغير المدروس عن هذا المشروع الاستراتيجي حوله من مشروع استراتيجي رئيسي هادف لجذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية إلى سوق تكهنات و”تهكمات”. فتحول الموضوع وتم تسويفه الى ما يشبه “بورصة” أراضي يحاول الجميع التكهن بالموقع لغايات الربح السريع بدلا من الخوض بتفاصيل المشروع وأثره الإيجابي المتوقع في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة….
نحن لسنا اول من نقوم بهكذا العمل… سبقنا اشقاؤنا في الإمارات والسعودية ومصر فيه. .. فليس علينا أن نجهد أنفسنا كثيرا لنعيد اختراع العجلة.. كل ما علينا فعله هو ان نتعلم من النهج الذي اتبعوه ونطور ونحسن عليه بما يعكس خصوصيتنا. ..
مرة أخرى يهدد التخبط والأسلوب غير الممنهج والمدروس بافشال اكبر مشروع استراتيجي صحيح تنوي المملكة القيام به منذ عقود ووأده قبل ولادته…
ما تفعله الحكومة واسلوبها في الإعلان عن هذا المشروع الاستراتيجي الهام يجب أن يوثق في دليل معنون “دليل ما لا يجب فعله عند إطلاق مشروع استراتيجي وطني هام”… ولا حول ولا قوة إلا بالله…‎

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.