صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الصداقة المزيفة مع دول الغرب . . !

في أوائل القرن الماضي تظاهر البريطانيون بأنهم أصدقاءا للشريف حسين بن علي رحمه الله. وأغروه إلى جانبهم من خلال مراسلات الشريف حسين – مكماهون، بالثورة على الدولة العثمانية، التي كانت تخيم بحكمها الجائر على البلاد العربية، مقابل وعدهم له بمنح الاستقلال والحرية لشعوب الأراضي العربية في آسيا.
وبعد أن تم دحر العثمانيين تنكّر البريطانيون لوعودهم، ووقفوا إلى جانب عبد العزيز بن سعود، وتنصيبه ملكا على الجزيرة العربية وإخراج الهاشميين منها، حيث تم نفي الشريف حسين إلى قبرص حتى توفي هناك. اكتملت المؤامرة بعد أن عقدت بريطانيا وفرنسا محادثات سايكس – بيكو لتقسيم الوطن العربي، وأصدرت بريطانيا على أثرها وعد بلفور، الذي ضمن إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. ورغم ذلك ادعت الأنظمة العربية الرسمية أن بريطانيا صديقة للعرب.
انتقلت قيادة العالم بعد الحرب العالمية الثانية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، والتي لم تألو جهدا في دعم الكيان الإسرائيلي الجديد على الأرض الفلسطينية. فقدمت له مختلف وسائل الدعم المادية والعينية والمعنوية، وساندت جميع طلباته في الأمم المتحدة، واستخدمت حق الفيتو ضد مئات القرارات التي تدينه بسبب جرائمه، وعطلت أي حل منصف للقضية الفلسطينية.
واليوم نفاجأ بأن الولايات المتحدة – صديقة العرب – تشرّعن الاحتلال الإسرائيلي، وتوافق على استكمال جرائمها السابقة، من خلال نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، واعتبارها العاصمة الرسمية لدولة إسرائيل وتكريس يهودية الدولة، ضاربة بالحائط كل القرارات الدولية السابقة التي تتحفظ على هذا الإجراء. ومع هذا تستمر الأنظمة العربية الرسمية بأن الولايات المتحدة الأمريكية صديقة للعرب، وتمتلك 98 % من أوراق الحل العادل.
هذا الحال يذكرني بقصة الضفدع والعقرب، التي وردت في أحاديث الكاتب المصري أحمد الشرقاوي وملخصها كالتالي : ” يحكى أن عقربا خرج من جحره متجها إلى نهر صغير، فأراد أن يعبر النهر إلى الجهة الأخرى والتي تبدو أكثر جمالا من منطقته. ولكونه لا يجيد السباحة جلس فوق حجر يفكر في وسيلة لعبور النهر. عندها رأى ضفدعا يقفز بالقرب من النهر، فاقترب منه وألقى عليه تحية الصباح. وبعد أن رد الضفدع التحية الصباحية، سأل العقرب عن سبب وجوده في هذه المنطقة. أجاب العقرب أنني أريد أن أعبر النهر إلى الجهة الأخرى، ولأنني لا أعرف السباحة، أتمنى عليك أن تسدي لي معروفا، وتركبني على ظهرك وتسبح بي النهر إلى الجانب الآخر.
أجاب الضفدع لماذا أفعل هذا، وأخشى أن تلدغني وأنت على ظهري ؟ فقال العقرب: لن أفعل ذلك، لأنني لو لدغتك ونحن في وسط النهر فسوف نغرق ونموت سويا. اقتنع الضفدع بعد أن فكر قليلا وأركب العقرب فوق ظهره. وبدأ عبور النهر محاولا الوصول إلى الجانب الأخر مع صديقة العقرب. وفجأة في منتصف النهر أحس الضفدع بلدغة العقرب، وبدأ الشلل يسري في جسده على أثر تلك اللدغة. وقبل أن يفارق الضفدع الحياة، نظر بطرف عينه إلى صديقه العقرب، متسائلا والدهشة وعدم التصديق تكاد أن تشل لسانه : لماذا فعلت هذا ؟ فأجاب الصديق ببرود : إنها طبيعتي . . لم استطع أن أغيرها . . ! “.
هكذا هي الدول الكبرى لا يؤتمن جانبها، وليس لها أصدقاء إلا من خلال مصالحها، فهي تبذل ما تستطيع من جهد لامتصاص دماء الشعوب واستنزاف ثرواتها، ثم إلقاءها في الجحيم غير عابئة بمصيرها، فهذه طبيعتها التي لا تستطيع تغييرها مع العرب. والحكيم من اتّعض بغيره عند مراجعة أحداث التاريخ البعيد والقريب . . .!

التعليقات مغلقة.