صحيفة الكترونية اردنية شاملة

قراصنة الانترنت يوقعون ضحاياهم عبر جوائز وهمية

بترا – إخلاص القاضي

“مبروك، لقد تم اختيارك كأحد الرابحين لسيارة من نوع فاخر، وكي تستلمها ينبغي عليك ارسال 2000 دولار لمندوبنا في عمّان”.. رسالة كانت الطُعم الذي استدرج الشاب هاني، ليقع ضحية لمحتالين أوهموه عبر تطبيق “الفيسبوك” بفوزه، مدعمين العملية الاحتيالية بوثائق وصور لهويات مزورة بطبيعة الحال، الا أن الشاب وقع في الفخ المُحكم.

يقول هاني لـ (بترا) إنه صدق عملية الربح وقام بإرسال 500 دولار كدفعة أولى للقائمين على الجائزة “المفتعلة” وهم وبحسب الصفحة المزورة شخصيات هامة في بلد عربي، اضافة الى وسيط محلي، مشيرا إلى أنه صدق الامر بسبب ان الشخصية الهامة لها صفحة على “الفيسبوك” تظهر متابعة الآلاف لها غير انها فعليا صفحة مزورة باسم تلك الشخصية.

وفي التفاصيل، قام الوسيط بإرسال هوية للشاب تظهر اسمه الرباعي وأخفى المرسل صورته عنها بيد انها هوية مزورة عبر تقنية “الفوتو شوب”، ولأن الشاب لم يتحقق من دقة الهوية، فقد أرسل المبلغ وتم استلامه من قبل المحتال، اذ ان شركات الصرافة تطلب الاسم الرباعي والهوية، وفقا لأحد موظفي محال الصرافة، وهذا ما قام به المحتال حيث ان اسمه الرباعي المرسل عبر الهوية المزورة صحيح، وبقية المعلومات خاطئة، لكنه لدى استلامه المبلغ اظهر هويته الصحيحة.

ويتابع هاني.. ان المحتال ارسل له كل الاوراق التي تثبت أنه فاز، وقد زور الكثير من المعلومات التي بدت أنها صادرة عن هيئات عربية، غير أنها في الحقيقة مزورة، وتحتوي على الكثير من الاخطاء الإملائية، الامر الذي لم يتنبه له الضحية ايضا.

ويوضح ان المحتال ارسل له صورة على انها لأحد الشخصيات الاردنية العامة، وقال له ضع الاسم على محرك البحث “جوجل” لتعرف من أنا، وارسل له صورة هي حقيقة لأحد الدعاة العرب، أي ان الهوية لشخص، والاسم لشخص اخر، والصورة لشخص ثالث، ما يشكل دافعا للشك بأمر المحتال، غير ان الحيلة انطلت على الشاب الذي لم يكلف نفسه عناء التقصي والبحث أو استشاره احد العارفين.

وينوه الضحية الى انه يحتفظ بكل الدلائل والصور والتسجيلات الصوتية والوثائق المزورة وصيغة حديث المحتالين بضرورة ارسال بقية المبلغ تحت طائلة لغة التهديد، اضافة الى دخول امرأة على خط الاحتيال ادعت بدورها انها شخصية عامة (صاحبة الصفحة المزورة)، وكانت عبر رسالة صوتية تدعو الضحية الى اكمال المعاملات للفوز بالسيارة، ولكن ليس قبل ارسال بقية المبلغ، “وإلا اسحب اسمك من القرعة”،على حد تهديدها، مشيرا الى انه سيقدم شكوى رسمية مرفقة بكل ما يتعلق بالعملية الاحتيالية، سيما وانه يحتفظ بايصال التحويل المالي عبر احد شركات التحويل المصرفي والتي تظهر الاسم الرباعي للمحتال- مستلم الاموال-.

السرطاوي: رغم تحذيرات الامن العام يقع البعض فريسة الاحتيال الالكتروني الناطق الاعلامي في مديرية الامن العام المقدم عامر السرطاوي يقول انه ورغم كل التحذيرات التي تصدرها المديرية حول الجرائم الالكترونية بعدم الثقة بأي شخص يتوارى خلف الشاشات الالكترونية خاصة للصفحات المشبوهة أو المزورة وبأسماء وهمية ويسهل كشفها من قبل أي مراقب او متابع او خبير في الشؤون التقنية، مشيرا الى انه ورغم كل التحذيرات، الا ان البعض يقع فريسة لمجهولين ممن يدّعون الجاه أو المنصب ويطلقون جوائز مجزية ولكنها لا تعدو كونها مصائد بهدف النصب الالكتروني.

ويزيد، ان صعوبة مثل هذه القضايا تتمثل حين يكون المحتالون من دول أخرى حيث تصعب ملاحقة ذيول القضية، مستدركا الا ان لا صعب على آليات المتابعة الامنية لدى الاجهزة الامنية خاصة في وحدة الجرائم الالكترونية التي ساهمت منذ انشائها عام 2008 بالتقليل من نسبة الجرائم داخل المملكة رغم زيادة عدد القضايا واستحداث طرق جديدة للاحتيال.

ويرى الرائد رائد الرواشدة قائد وحدة الجرائم الالكترونية في مديرية الامن العام، أن هذه القصة تدخل في اطار الرسائل الاحتيالية التي يجري التنبيه عليها وضرورة مكافحتها من قبل ادارة البحث الجنائي ووحدة الجرائم الالكترونية، وهذه الجوائز الربحية هي احتيال ولا بد من التأكد من هوية الشخص الذي تتواصل معه، وإن كانت الصفحات حقيقية أم لا.

ويوضح ان الشخصيات الهامة بغض النظر عن الجنسية لا تعلن عن جوائز الا في الاطار الرسمي، مضيفا أن على الشخص المغرر به، أن يسأل نفسه، إن كان اشترك بأي مسابقة ، كما أنه لا يوجد شراء لسيارة الا في نطاق ادارة السير وادارة ترخيص السواقين وكاتب العدل، وضمن القنوات الرسمية، داعيا المتضرر، ولأنه خارج المملكة ان يقدم شكوى بالأطر القانونية وعن طريق السفارات والقنوات الرسمية .

الشهوان: بطاقة الاحوال المدنية لا يمكن تزويرها ويؤكد مدير عام دائرة الاحوال المدنية والجوازات فواز الشهوان، ان الهويات الاردنية آمنة مئة بالمئة، ولا يمكن تزوريها بأي طريقة كانت، اذ انها تعتمد البصمة العشرية، اي اخذ بصمة اصابع اليدين العشرة، اضافة الى بصمة العين، مشيرا الى ان التزوير، وان ما يحدث يتم عن طريق الفوتوشوب.

الطعاني: الاحتيال الالكتروني يشكل أزمة أخلاق استاذ الارشاد النفسي والتربوي في جامعة عجلون الدكتور نايف الطعاني يصف هذا السلوك بقوله “ليس شرطا ان يقتصر جوع الانسان على حاجته للطعام، بل هناك جوع من نوع اخر هو جوع الجاه والاستحواذ على المال بأي طريقة، وهذا ما كان يحاول فعله المحتال ومن يقف خلفه”، مشيرا الى ان البعض بات يحلم بالثروة بمعزل عن الوسيلة وغايته الربح السريع بأي ثمن.

ويبين ان الضحية، صدق بأنه ربح ولم يتقص الامر، ولم يفكر به وربما كانت الطيبة وراء ذلك واحيانا عدم الفهم الكافي لأمور كهذه، او غياب الخبرة في التعاطي مع الاشخاص خاصة الغرباء، وكذلك الجهل في التعامل مع وسائل الاتصال الحديثة، مشددا على ان الضحية ودون ان يدري ساهم بتسهيل المهمة الاحتيالية وأرسل النقود بسبب غياب الوعي في التعامل مع التكنولوجيا. ويحذر الدكتور الطعاني من خطورة تصديق أي رسالة الكترونية بأي وسيلة كانت، منوها الى أن ثمة “ازمة اخلاق” يعاني منها البعض ممن امتهنوا النصب والاحتيال التكنولوجي اذا صح التعبير، وذلك بدافع الجشع.

الخزاعي: 20 مليون مستخدم بأسماء مستعارة ويتفق استاذ علم الاجتماع في الجامعة الاردنية الدكتور حسين الخزاعي مع الدكتور الطعاني حول ضرورة الحذر في التعامل مع وسائل الاتصال الحديثة، مشيرا كذلك الى أهمية تعزيز التوعية من كل الهيئات المعنية لمنع او على الاقل الحد من الاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا.

ويؤكد ان البعض يصدق ان الشخص الذي يتواصل معه حقيقي وليس افتراضيا، مع ان عالم المعرفة الرقمية يسمى كذلك بالعالم الافتراضي، متسائلا، “كيف نصدق اشخاصا لا نراهم ولا نعرفهم؟”، واصفا قراصنة ومحتالي المال عبر الفضاء الالكتروني بـ “صعاليك الانترنت”.

وشدد على ان خطورة مثل هذا النوع من الاحتيال تكمن في كونه “عابرا للقارات” بمعنى ان ملاحقة القراصنة صعبة جدا أو ضربا من المستحيل، داعيا كل المتعاملين مع العالم الافتراضي الى التعقل والابتعاد عن الطيبة الزائدة التي توقع اصحابها بالمحظور، وعدم تصديق أي شخص يطلب مالا حتى لو دخل بصفحة باسم شخص قريب، فقد يكون قد سرقها للتو، ويستخدمها من اجل جني المال الحرام .

ويشير الدكتور خزاعي في هذا المجال الى دراسة بينت ان عدد التغريدات المزورة على سبيل المثال لا الحصر يبلغ 200 مليون تغريدة، فيما يوجد على (تويتر) 20 مليون مستخدم بأسماء مستعارة، الامر الذي يفتح الباب على تساؤلات لا تنتهي حول نوايا واهداف وطرق تعامل هؤلاء الاشخاص مع الآخرين، ولماذا دخلوا بأسماء مزورة أو مستعارة، وقد يكون لذات الشخص اكثر من حساب مزور، وقد يكون بعضهم ارتكب افعالا جرمية احتيالية ابتزازية.

ويلفت الى اهمية عدم المساهمة بتعميم أي منشورات مشكوك بأمرها؛ كالجوائز والهدايا، وحتى الاخبار التي تفتقد الى مصدر، وضرورة نبذ الاشاعات التي تسهم برواج الجرائم الالكترونية وخاصة تلك المتعلقة بالأموال والارباح السريعة .

التعليقات مغلقة.