صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الحرمان من النوم.. علاج فعال للمصابين بالاكتئاب!

يبدو استخدام الحرمان من النوم في التعافي من الاكتئاب الشديد، علاجاً فعالاً، وربما يكون الحل الوحيد! لكنه ليس مناسباً للأصحاء.

يعمل أطباء نفسيون في أميركا وأوروبا على تطوير علاج الحرمان من النوم، وأصبح يُستخدم في العيادات الخاصة كواحد من “العلاجات البديلة”، ويركز على بدء ساعة بيولوجية بطيئة، ويسلط الضوء على الأمراض الكامنة وراء الاكتئاب ووظيفة النوم بشكل عام.

وتختلف طرق العلاج بالحرمان من النوم من شخص لآخر، لكنها تعمل جنباً إلى جنب مع العلاج بالتعرض للضوء الساطع واستخدام الليثيوم، وتبدو هذه الطريقة فعالة في علاج الاكتئاب العميق الذي تفشل العقاقير والأدوية في علاجه.

“الحرمان من النوم له تأثيرات عكسية على الأشخاص الأصحاء والذين يعانون الاكتئاب الشديد”، فهو ضار للأصحاء ومفيد للمكتئبين، كما يقول فرانشيسكو بينيديتي، الذي يرأس وحدة الطب النفسي وعلم النفس النفسي بمستشفى سان رافائيلي في ميلانو.

إذا كنت بصحة جيدة ولم تنم، فسوف تشعر بأنك في مزاج سيئ. ولكن، إذا كنت مكتئباً، فإن الحرمان من النوم يُحدث تحسيناً فورياً في المزاج، وحتى في القدرات المعرفية. ولكن، يضيف بينيديتي، متحدثاً إلى ليندا جيديس، الصحفية العلمية في مجلة موزاييك: “عندما تذهب للنوم وتعوض الساعات التي غبت فيها عن النوم سيكون لديك فرصة كبيرة للانتكاس والعودة للاكتئاب مرة أخرى”.

تاريخ الحرمان من النوم كعلاج للاكتئاب

نشر بحث عن تأثير الحرمان من النوم على التعافي من الاكتئاب، لأول مرة، في تقرير علمي ألماني عام 1959. وتبنى باحث دكتوراه الفكرةً قبل أن تطرحها العديد من الدراسات خلال حقبة السبعينيات، وخلص إلى أن قضاء ليلة واحدة مستيقظاً أو الحرمان الممنهج من النوم قد يُخرجان من الاكتئاب.

أصبح بينيديتي مهتماً بهذه الفكرة كطبيب نفسي شاب، في أوائل التسعينيات. وقد نظر إلى الأمر كثورة في علاج الاكتئاب. ولكن نادراً ما يتم اختبار هذه الأدوية على الأشخاص الذين يعانون اضطراباً ثنائي القطب. لكن النتائج أشارت إلى كون مضادات الاكتئاب غير فعالة إلى حد كبير بالنسبة للأشخاص الذين يعانون الاضطراب ثنائي القطب.

كان مرضى بينيديتي في حاجة ماسّة إلى بديل، فبعد أن قرأ بعض الأبحاث المبكِّرة عن العلاج باليقظة، قام باختبار نظرياته على مرضاه، مع نتائج إيجابية. يقول بنديتي: “كنا نعلم أنه فعال”، فالمرضى الذين يعانون بشدة كانوا يتحسنون سريعاً”

كيف يعمل العلاج بالحرمان من النوم؟

يستخدم عقار الليثيوم مع الحرمان من النوم، فهو يطيل التأثير والفاعلية بنسبة جيدة، كما تشير دراسات أميركية، أظهرت استجابة أفضل بعد 3 أشهر من التقييم مقارنة مع الذين لا يتناولون الدواء، والعلاج بمركبات الليثيوم هي مجموعة طرق تُستخدم في الطب النفسي كمثبت للمزاج ولعلاج الاضطراب ثنائي القطب، وكذلك علاج الاكتئاب والهوس المصاحب للاضطراب ثنائي القطب.

ولأن مجرد قيلولة قصيرة قد تعيق فاعلية العلاج، فقد بدأ البحث عن طرق جديدة للحفاظ على المرضى مستيقظين في الليل واستُلهمت بعض الأفكار من “طب الطيران”، حيث كان يُستخدم الضوء الساطع للحفاظ على الطيارين في حالة تأهب.

يقول بينيديتي: “قررنا أن نعطيهم الحزمة الكاملة، وكان التأثير رائعاً”. وبحلول أواخر تسعينيات القرن العشرين، كانوا يعالجون المرضى بشكل روتيني مع العلاج الثلاثي: الحرمان من النوم والليثيوم والضوء الساطع، حيث يستمر الحرمان من النوم لمدة أسبوع بدرجات معينة مع التعرض للضوء الساطع لمدة 30 دقيقة كل صباح، لمدة أسبوعين آخرين، ولا يزال هذا البرنامج مستخدماً حتى الآن”، ويضيف بينيديتي: “يمكننا أن نفكر في أنه لا يحرم الناس من النوم؛ بل مع تعديل أو توسيع فترة دورة النوم من 24 إلى 48 ساعة، فيذهب الناس إلى الفراش كل ليلتين وليس كل ليلة، ولكن عندما يذهبون إلى الفراش، يمكنهم النوم طالما يريدون”.

وقد أدخل مستشفى سان رافاييل العلاج الثلاثي في ​​عام 1996. ومنذ ذلك الحين، عالج ما يقرب من 1000 مريض يعانون الاكتئاب ثنائي القطب، وكثير منهم لم يستجب للعقاقير المضادة للاكتئاب. النتائج تتحدث عن نفسها: فوفقاً لأحدث البيانات، 70٪ من الأشخاص الذين يعانون الاكتئاب ثنائي القطب المقاوم للأدوية استجابوا للعلاج بالتزامن الثلاثي خلال الأسبوع الأول، و55٪ لديهم تحسن مستمر في الاكتئاب بعد شهر واحد.

وفي حين أن مضادات الاكتئاب -إذا كانت تعمل- يمكن أن تأخذ أكثر من شهر ليكون لها تأثير، ويمكن أن تزيد من خطر الانتحار في هذه الأثناء، تنتج هذه الطريقة تأثيراً فورياً ومستمراً بخصوص الأفكار الانتحارية، حتى بعد ليلة واحدة فقط من الحرمان من النوم.

التعليقات مغلقة.