صحيفة الكترونية اردنية شاملة

مواقف وطنية لفارس البنك المركزي الأسبق . . !

هل يتذكر الشعب الأردني فارس شرف محافظ البنك المركزي الأسبق ؟ أم أن اسمه غاب عن الذاكرة وطواه النسيان، بعد أن أسدل عليه الستار منذ سبع سنوات وحتى الآن ؟ لا أعرف لماذا يتردد اسم هذا الرجل في ذهني هذه الأيام، رغم أنني لم أتشرف بمعرفته أو الالتقاء به شخصيا، لا في الماضي ولا في الحاضر. ولكن سيرة الرجال العطرة الذين طبعوا بصمات واضحة على جبين الوطن، – وهو أحدهم – تجعلنا نختزن أسماءهم في سويداء قلوبنا، ونحنّ لذكراهم عندما تضيق ساحة الوطن بالمسؤولين الشرفاء.

والشريف فارس لمن لا يعرفه، هو نجل رئيس الوزراء الأسبق عبد الحميد شرف – رحمه الله – ووالدته ليلي شرف ذات الشخصية المرموقة في أوساط الشعب الأردني، التي استقالت من منصب وزير الإعلام عندما جرى التدخل بعملها عام 1984. كما استقالت مرة ثانية من منصب عضو مجلس الأعيان عام 2011 قائلة : ” كيف لي أن أعمل في موقع عام بدولة لا تحارب الفساد ؟ “.

وفارس يحمل درجة البكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية، ودرجة الماجستير في الاقتصاد والعلوم المصرفية والنقدية، وأشغل العديد من الوظائف أهمها محلل استثماري في مؤسسة التمويل الدولي في واشنطن دي سي، ونائبا لمحافظ البنك المركزي الأردني لمدة خمسة سنوات، وأخيرا محافظا للبنك المركزي الأردني عام 2011.

أقيل من منصبه الأخير بعد إشغاله لمدة عشرة شهور فقط، والمفترض أن يستمر بإشغاله لخمسة سنوات على الأقل، حفاظا على استقرار الوضع المصرفي في المملكة. وقد جرت إقالته بأسلوب غير لائق، حيث منعه رجال الأمن من دخول مكتبه، بعد أن طُلب منه تقديم استقالته. وبرّر رئيس الوزراء في حينه معروف البخيت أن استقالته كما أذيعت، جاءت بسبب خلافه مع السياسة الاقتصادية للحكومة.

أما الأسباب الحقيقية لإقالة المحافظ فارس شرف فقد سربتها وثائق ويكيليكس ومن أهمها ما يلي :

1. اشتباكه أثناء عمله مديرا لوحدة الاستثمار في الضمان الاجتماعي مع رئيس وزراء أسبق، حول شراء أراض تابعة للجيش في منطقة دابوق وعلى مدينة الحسين الطبية. وقد أشاد به الإعلام ورجال السياسة باعتباره مدافعا عن الفقراء.

2. رفضه منح رئيس وزراء اسبق آخر رخصة لإنشاء بنك جديد في الأردن.

3. اصطدامه مع الحكومة عدة مرات، وخاصة عند انكشاف حساب الخزينة، ورفضه تغطية الحساب من قبل البنك المركزي.

4. تحويله أحد رجال الأعمال ( حسن سميك ) إلى القضاء بتهمة غسيل أموال، تقدر قيمتها بمائة مليون دولار.

5. إصراره على إدخال المنحة السعودية في حساب الموازنة العامة، واختلافه مع الحكومة في أولوية إنفاقها. 

6. اتهام رؤساء البنوك له بأنه اتخذ إجراءات مشددة، ضد بعض البنوك التي يرتبط أصحابها بعلاقات مع مسؤولين لاسيما رؤساء الوزارات. 

سببت استقالة شرف صدمة للقطاع المالي في البلاد، لكونه يحظى باحترام واسع من قبل أعضائه. واعتبر مراقبون ومحللون اقتصاديون وسياسيون في حينه، أن استقالة المحافظ، فتحت الباب على مصراعيه لخلق أزمة سياسية في البلاد، حيث يتحدث صانعوا القرار عن جدية الدولة في تحقيق الإصلاح ومحاربة الفساد ولكنهم يمارسون العكس. أما الوزيرة السابقة والعين المستقيلة حدسثا ليلى شرف، فقد علقت بأن نجلها تعرض لضغوط مورست عليه لتقديم استقالته قائلة : ” لقد حاول خلال عمله ضبط الأمور المالية وقضايا الفساد ولكن جرت محاربته “.

وأتساءل في ختام هذا المقال : لماذا لا تستفيد الدولة من خبرات وأمانة السيد فارس شرف ؟ هذا الرجل الشريف صاحب الكفاءة المصرفية والمواقف الحازمة، والحرص على مصالح الأمة والوطن، كما جسدها في ممارساته العملية السابقة ؟ أم أن هذا ليس زمانه، ومن غير المتوقع أن يساير الركب، والغوص في بيئة الفساد المنتشرة ؟ علينا كمواطنين أن نتذكر هذا الرجل الشريف، ونقدم له الشكر ولو في وقت متأخر، على ما قام به من عمل وطني يستحق التقدير والثناء.

التعليقات مغلقة.