صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الضريبة.. المُوَاجَهَة مع الصندوق

هل تَملِكُ الحكومة القدرة على مُوَاجَهَة صندوق النَّقْد الدَّوْليّ ورفض طلباته المُتَعلقة بمشروع قانون الضريبة المُقترح؟

الإجابة نعم، باستطاعةِ الحُكومة ان تُديرَ ظهرها للصندوق، وترفضَ الاستماع له، وتُغلِقَ باب الحِوار معه، ويأتي وزير في الحكومة ويُطلق التصريحات تِلْو الاخرى ضَدّ الصندوق ويكسب هو والحكومة شعبية لا مُنتهية الحدود.

لكن ماذا بَعْد؟

المنطقُ يَقتضي ان يكون هُنالكَ جِهةٌ عاقلة توازنُ بينَ الأمور وتتعاطى معها برُشد، فالجميعُ يعرفُ ان الحكومة هي من ذَهَبَت للصندوق، وهي من طَلَبت إِبرام اتفاقيات التصحيح الاقتصادي للحصولِ على تسهيلاتٍ ائتمانية تُساهمُ في تحقيق استقرار نسبي للاقتصاد.

لكن ماذا يحصُل ان حدثت مُوَاجَهَة بين الحكومة والصندوق على قانون الضريبة. ولَم يكن هُناك توافقٌ بينهما على بنوده، خاصة تلك المُتَعَلِقة بالإعفاءات الفردية؟

الصندوق حينها سَيُديرُ ظهره هو الاخر للحكومة، وسيكون لها تداعيات مُباشرة على الاقتصاد الوطني من ابرزها عدم تمكّن الحكومة من الحصول على حزمة المساعدات المقدرة في موازنة ٢٠١٨ وفق ما هو مخطط له، مما سَيُضاعفُ من تحديات الموازنة والعجز المالي الذي سيكون في وضع لا يحسد عليه، سيساهم في زعزعة الموازنة والاقتصاد وعدم تمكنها من تلبية الحدّ الأدنى من مُتطلبات التمويل الاساسية لنفقاتها العامة.

الامر لن يقتصر عند هذا الحدّ، بل سَينخفضُ التصنيف الائتماني للمملكة لدى مؤسسات التمويل الدولية، ولن تتمكّن الحكومة من الحصولِ على أية قروضٍ مُيَسرة، بل العكس سَترتفع درجة المخاطر الائتمانية للمملكة وستكون أسعار الفائدة للقروض مرتفعة جدا، وهذا الامر يُقودنا الى الحديث عن أزمة المديونية.

في الدَيَّن وكواليسه لا بد ان يعلم الجميع ان خلال الفترة من ٢٠١٩- ٢٠٢٣ سيكون على الحكومة تسديد ما يقارب ١٢ مليار دولار لسدِ سندات اليوروبوند، وهو ما يتطلب من الخزينة مُضاعفة دخلها حتى تتمكن من هذا الإجراء، وهو في غاية الصعوبة في الوضع الحالي، ما يجعلُ الحكومة ان تذهب الى خيارٍ آخر لمُوَاجَهَة الدَيَّن نحو الاقتراض المُيسر لاستبداله بدل القروض ذاتِ الفائدة المرتفعة، وهذا لن يتم الا من خلال دعمٍ واضح من صندوق النَّقْد الدَّوْليّ امام المانحين والمؤسسات المالية الدولية.

نعم هذه هي أبرز كلّف المُوَاجَهَة مع صندوق النَّقْد الدَّوْليّ ولا احد يستطيع إنكارها، لكن هل أيضا طلبات وشروط صندوق النَّقْد الدَّوْليّ واقعية ومقبولة؟

لا شك ان الكثير من مُتطلباتِ الاصلاح المالي التي يَقترحها الصندوق ليست شعبية على الإطلاق، وهو اَي الصندوق غير معني بأية ابعاد اجتماعية لبرامجه التصحيحية، وغير مُقتنع بان يحصل المواطن الاردني على إعفاءات أعلى مما يحصل عليه المواطن في الدول المانحة للمساعدات للمملكة.

لكن كيف نستطيع ان تحقق الموازنة بين المتطلبات الخارجية للضريبة وضغوط الصندوق وبين حماية القطاعات الاقتصادية والانتاجية وحماية الأمن المعيشي للأفراد من أية ارهاقات ضريبة حديدة؟

الأساسُ في الاتفاقِ مع الصندوق هو البعد الاقتصادي من خلال النمو وتحقيق التحفيز الاقتصادي المنشود، فإذا ما تحققت هذه المعادلة فان التوازن الاقتصادي حينها سيكون اساس الإصلاح الضريبيّ الذي سيبتعد حينها عن مفهوم الجباية.

لا يُفهمُ من هذا المقال انه حالة من الانصياع لشروط الصندوق، لكنه تجسيد لحالة واقعية مريرة يتهرب من فهمها الكثير من الاردنيين على مختلف مستوياتهم.

[email protected]

 

التعليقات مغلقة.