صحيفة الكترونية اردنية شاملة

تحدّياتٌ في الأُفق

تَعكِفُ الحُكومة على إنجازِ اِتِّفاقها مع صندوق النقد الدوليّ على اِكملِ وجه، للوصولِ في النهاية إلى زيادةِ إيرادات الدولة المحليّة من جهة، وإعادة جدولة ديونها ذات الفائدة المُرتفعة بأخرى ذات فائدة مًخفضّة.

لكن الوصول إلى نقطة الاستقرار الاقتصاديّ المَنشود ليست مَحصورة فقط بتنفيذِ بنود اِتِّفاق الصندوق النقد الدوليّ، ولو كان هذا الآن صحيحاً لاستقر الاقتصاد منذ سنين عديدة، فالأردن نَفذّ ١٦ اِتّفاقاً مع الصندوق منذ عام ١٩٨٩، واقتصاده يَسير بِمُنعطفاتٍ حادة وتقلبات كبيرة أثرت على اِستقراره، وجعلتهُ عرضةً للتَقلُبات.

ما تقومُ به الحُكومة اليوم من إِجراءات اقتصاديّة مُختلفة مُعرضّة في المُستقبل القريب أن لا تُحقّق أهدافه بالشكل المَرسوم له، وإذا كان سَبَبَهُ بعض المُنعطفات والتقلبات الاقتصاديّة الإقليميّة التي ليسَ للحكومة يد به.

فماذا ستفعل الحُكومة إذا ارتفعت اسعار النفط العالميّة، واقتربت من حاجز الثمانين دولاراً للبرميل، علما أن تقديرات الموازنة لا تتجاوز ٥٥ دولاراً للنفط، حينها سَتَكون الحُكومة مُضطرة لتخصيصِ مُخصصاتٍ جديدة للدّعم على مُختفِ اشكاله، وهو ما سيرتب على الخزينة عجزاً ماليّاً اضافيّاً.

حتى المديونية في هذه الحالة سَترتفع وتتجاور نسبة ٩٦ بالمئة على أقل تقدير، ناهيكَ من أن مُستويات التَضخم سَترتفع أكثر مما هي عليه الآن، وهو ما سَيُعرض الأمن المَعيشيّ للأردنيين إلى هزاتٍ جديدة، خاصة في ظل ثباتٍ الدخل من جهة، وتراجع القوة الشرائيّة من جهةٍ اخرى.

الإجراءات الماليّة المُقترحة لزيادة اِيرادات الدولة من خلال تَعديلات قانون ضَريبة الدخل والإجراءات المُقترحة حول ضَريبة المبيعات كُلها إجراءات محفوفة بالمخاطر وغير مَضمونة النتائج الماليّة حسب ما هو مقدّر، فالإجراءات السابقة التي تَمت العام الماضي لن تُحقق كامل أهدافها الماليّة، وكثيرة هي القرارات التي جاءت نتائجها غير مما قُدّر، الأمر الذي جَعَلَ الخزينة في وضعٍ ماليّ صعب، ولولا المُساعدات الخارجيّة الاستثنائيّة لكانت الخَزينة في وضعٍ سلبيّ للغاية.

حتى فَتح الحدود مع سوريا وحالة التفاؤل الكبيرة التي تَسود الكثير من الأوساط المُختلفة لا يوجد بالأفق على ارض الواقع انها ستعود تلك العلاقة إلى سابق عهدها، نظرا للتدخلات السياسيّة العميقة التي تشهدها المنطقة برمتها، والتي تَجعل من عملية التنبؤ أمرٌ في غايةِ الصُعوبة، لا بل أن بعض المُحللين يذهبون إلى أن الحالة العراقيّة ستتكرر على الحالة السوريّة، فلغاية يومنا هذا لم يَستفد الأردن من فتح المعبر الحدوديّ مع العراق “طريبيل” رغم افتتاحه في أيار الماضي وحركة التجارة بين البلدين في أضعف مُستوياتها، ومازالت العقبات تحول دون انسياب السِلع والخدمات بين البلدين، رغم الوعود الكثيرة من الجانب العراقيّ في اِزالتها، لكن يبدوا أن العامل السياسيّ هو المُحرك الاساسيّ لتنمية العلاقات بين البلدين، لذلك لا يوجد ما يمنع من تكرارِ ما يحدث في الجانبِ العراقيّ على الجانب السوريّ.

يعني ماذا لو لم تَتَحقق المُؤشرات المُستهدفة في اِتِّفاق الصندوق، وفرضت التحدّيات الإقليميّة وجودها على أرض الواقع، وكانت النتائج مُخيبة لما تم تقديره، وبقيت معدلات النُمو الاقتصاديّ على حالتها ولم تتجاوز ٢.٥ بالمئة واستَمرت حالة التباطؤ على حالتها وَبقيت الصادِرات على وضعها وتدفق الاستثمارات على ما هي عليه دون أيّ تطورٍ مَلموس، ما هي خطة الحكومة البديلة لمواجهة أيّ ظروف استثنائيّة طارئة قد تَحدث لا سمح الله.

[email protected]

 

التعليقات مغلقة.