صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الوضع الاقتصادي الهم الملكي الأول

تحسين الأوضاع الاقتصادية للمواطنين وتحسين سبل معيشتهم، والحد من الفقر والبطالة يأتي على سلم أولويات الاهتمام الملكي

في اللقاء الذي عقده جلالة الملك منذ أيام بمجموعة من السياسيين ورجال الإعلام أكد أنَّ تحسين الأوضاع الاقتصادية للمواطنين وتحسين سبل معيشتهم، والحد من الفقر والبطالة يأتي على سلم أولويات الاهتمام الملكي، وفق رؤية ملكية واضحة تهتم بجذب الاستثمارات، وتمكين الشباب، واستمرار الجهود الحكومية نحو الانفتاح على دول الجوار، وتطوير العلاقات التجارية معها. والحقيقة أنَّمنظومة تحسين معيشة المواطن، وتحسين البيئة الاستثمارية، ووضع سياسات عملية لمكافحة الفقر والبطالة، كانت دوماً في مقدمة كتب التكليف السامي للحكومات، وفي متن كل خطاب عرش ألقاه جلالة الملك في الدورات التشريعية المتتالية. التوجُّهات الملكية تتطلَّب بكل وضوح النزوع إلى سياسات غير تقليدية، وإلى قفزات نوعية في نطاق جذب الاستثمارات، وفي مجالات استيعاب قدرات الشباب، وفي التنمية اللامركزية في كافة المحافظات. وهنا فإنَّ المطلوب تحديداً الإسراع والتسريع في مجالات ثلاثة؛ المجال الأول، إعادة النظر بكل ما يتم عمله في مجال تشجيع الاستثمار، والخروج إلى فضاءات محدَّدة تقوم على تشجيع عمل القطاعات ذات التنافسية العالية، والتي يسهل جذب الاستثمارات عليها، والتحوُّل نحو تحديد الأسواق الراغبة في دخول المنطقة عبر الاستثمارات وفتح المجال لها بكافة الوسائل والتسهيلات ليكون انطلاقها إلى المنطقة من خلال السوق الأردني. وهو ما يتطلب أيضاً التحوُّل من فكر التسهيلات الضريبية للاستثمار إلى التسهيلات النوعية المرتبطة بتشغيل القوى العاملة الأردنية، وتلك المرتبطة بفتح أسواق جديدة للمنتجات الأردنية، وتلك التي تؤدي إلى زيادة الاحتياطيات الأجنبية عبر التصدير. هذه قضايا محورية في الاستثمار ستؤدي، بكل تأكيد، إلى تحقييق الرؤية الملكية بتحسين الوضع الاقتصادي ومعيشة المواطن، عبر الاستثمار. المجال الثاني لتحقيق الرؤية الملكية يتعلَّق بتشجيع استيعاب القدرات الشبابية في الاقتصاد الوطني، وهو مجال يتطلب إعادة تنشيط صندوق دعم الشباب والريادة، وتمويل أكبر قدر ممكن من مشاريع الشباب، وتحفيز كافة برامج تمكين الشباب ضمن مظلة واحدة، وأن تكون تلك المظلة الوحيدة هي مؤسسة ولي العهد، بحيث تتوقَّف المسارات الموازية الحكومية وغير الحكومية عن العمل إلا ضمن تلك المظلة وفي إطار برامجها، ضماناً لتحقيق النتائج، وحسن استخدام الموارد دون تكرار، وتوزيعاً للجهود على كافة المناطق والمحافظات. وإذا ما ربطنا تمكين الشباب بتشجيع الاستثمار، فإن ذلك يتطلب التحوُّل في فكر الحوافز الاستثمارية من التسهيلات الضريبة إلى حوافز تقوم على تحمُّل نفقات الضمان الاجتماعي، والتأمين الصحي، والنقل من خلال صندوق حكومي يخفِّف عن المستثمر القائم والقادم كلفة استيعاب العمالة الأردنية خلال فترة لا تقل عن 3 سنوات، ومن ثمَّ التحوُّل التدريجي إلىالتحمُّل الكامل خلال عامين تاليين. المجال الأخير في مجالات تحقيق الرؤية الملكية يكمن في التحوُّل نحو فكر التنمية المحلية غير المركزية القائمة على دور المناطق والبلديات بوضع خطط تنموية محلية ترتكز على تشجيع الاستثمار، وفتح فرص العمل للشباب، وتقوم على حوافز مناطقية مدروسة تؤدي إلى جذب الاستثمار الأنسب لكل منطقة، أو بلدية، أو محافظة. الفكر التنموي المحلي منشور ومعروف عالمياً، وهناك العديد من التطبيقات المُثلى حول العالم، فكر يقوم على استراتيجية تطوير المدن بناءً على إمكاناتها الاقتصادية، ومواردها البشرية والطبيعية، ويسمح بتقديم حوافز خاصة بالمناطق، والأهم أنه يعود بمنافع ذلك على المنطقة بشكل أساس قبل الدولة بشكل عام. فمن غير المنطق أن تكون المناطق السياحية مثلاً هي الأقل استفادة من عوائد السياحية، أو أن تكون مناطق المواد الخام، وكنوز الطبيعة، وخيرات الأرض، هي الأكثر فقراً والأقل استفادة من عوائد منتجات مناطقها. والأمثلة على ذلك كثيرة. ورثت الحكومة الحالية تركة لا تُحسد عليها، وهي اليوم تُنهي عامها الأول بجهود هنا وهناك واهتمامات لا غبار عليها، بيد أنَّ المطلوب التسريع في العديد من المجالات المشار إليها هنا، وباعتقادي أنَّ بإمكان الحكومة الحالية أن تحقِّق نتائج أفضل على الطريق، وأن تصنع الفرق، ولكن عليها ألا تركن إلى بطء بعض الجهات، وبيروقراطية الأداء عند البعضالآخر، أو الانغلاق على صندوق من الإجراءات التي عفى عليها الزمن.  

[email protected]

التعليقات مغلقة.