صحيفة الكترونية اردنية شاملة

اقتصادنا و عقلية الريع

اكثر ما يسبب الضرر لاي اقتصاد هو اعتماده على الريع كمصدر للايردات و من ثم انعكاس ذلك على جزء من مواطنيه و الذين سيعتمدون على الريع بدلا عن العمل مما يضعف زخم الانتاج و فعاليته و يزيد في كسل الاقتصاد و تباطئه يضاف الى ذلك حالة عدم اليقين التي تعتري هذا الاسلوب كون هذه الايردات تخضع لتقلبات السياسة و تبدل مواقف الدول و الانظمة، هذا عدا عن الاملاءات التي قد تفرض على متلقيها والتي سيضطر للقبول بها تحت سيف انخفاض الشعبوية التي يقودها الشارع اذا ما تم المساس بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين و بالتالي المزيد من الغرق في الديون و تضخيم الجهاز العام غير المنتج اصلا” فيصبح حال هذا الاقتصاد كمن يزيد الخناق حول عنقه .

الحكومة – اي حكومة – هي المسؤلة عن هذه الحالة من الكسل و ليس المواطن ، فالحكومة هي من تملك سلطة انفاذ القانون وهي المسؤلة عن التنظم ، ولا يقبل عقلا” و لا منطقا” ان تقوم الحكومة بالاعتماد على المنح و القروض و المساعدات ثم تطالب مواطنيها بالانتاج لان القدوة هي الجزء الاهم في تغيير ثقافة السلوك البشري .
هنا نتسائل لماذا يتسابق المسؤولون على اعلان القروض والسعي وراء المنح فأصبح غاية هم المخطط هو تحسين شبكة العلاقات الدولية مما يمهد نحو تسهيل شروط الاقتراض، و يظهر ذلك جليا في الاهتمام البالغ من قبل الحكومة عند استقبالها مندوبي الدول المانحة سعيا لكسب ودهم مما يشير الى عقلية الريع المتأصلة في ذهنية المسؤول الحكومي.
العلاج الذي يتحدث عنه الجميع هو الاعتماد على النفس ولكن الخلاف او الاختلاف هو في الية و طريق التطبيق.
الالية الاسهل و الاكثر شيوعا عند الحكومات هي الجباية بهدف تغطية النفقات من الايردات المحلية وهنا يدخل الاقتصاد المسكين في مرحلة الركود التضخمي Stagflation و تتضح مظاهر هذه المرحلة في ارتفاع البطالة و قلة الانفاق و تآكل الدخل المتاح Disposable income و بكل تأكيد سينخفض معدل النمو وهذا المسار سيعيد العقلية الحكومية مرة اخرى الى ذهنية الريع والاقتراض و المنح و ستدفع الشعوب ثمن ذلك على شكل تنازلات سياسية وسيتم تبرير ذلك عبر استرتيجات و خطط وهمية غير قابلة للتطبيق ستفضي فقط الى طحن الهواء دون تغيير الواقع .

اما الحل العلمي الذي يتفق عليه الاكاديميون و اصحاب العقول الراجحة فهو تحفيز الاقتصاد الانتاجي و زيادة مساهمة القطاعات وفق مؤشرات قياس اداء و اضحة و ضمن جداول زمنية محددة . انصار هذا الرأي يتسائلون : من هو الذي اوهمنا ان الزراعة تستنفذ مياهنا النادرة وبالتالي نحن بلد غير زراعي ؟ رغم ان لدينا اكثر من فصل في نفس الوقت ما بين الغور و الشفا . ثم من هو الذي اوصلنا الى ان فاتورة الطاقة مرتفعة و بالتالي فاننا مجتمع غير صناعي ، لانه لا صناعة من غير طاقة ؟ رغم اننا كنا رواد صناعة الادوية والحديد و الاسمنت و الفوسفات والبوتاس في المنطقة.
ومن هو قاصر الفهم الذي قال اننا بلد غير سياحي معتمدا على اضطراب الاقليم و عدم كفاية البنية التحتية ؟ رغم اننا نمتلك نقاط فريده مثل البحر الميت والبتراء و غابات عجلون.
ومن هو الذي ادعى اننا بلد من غير موارد ؟ رغم اننا نمتلك خامات النحاس و الصخر الزيتي و الفوسفات والبوتاس و املاح البحر الميت و غاز الريشه . ولماذا لا يزال البعض مصرا على عدم وجود الرياده لدى شبابنا وهم الذين حصلوا على ٢٨٪؜ من المشاريع الريادية في المنطقة التي نشكل نحن فقط ٣٪؜ من سكانها .

خلاصة القول اننا نحتاج الى اجتثاث ذهنية الريع من عقلية المسؤول الحكومي واننا نريد ان نبني نهجا جديدا في ادارة الاقتصاد يعتمد على الانتاج و العمل و التحفيز وليس التسول و البذخ ، و الاهم من ذلك هو ان نؤمن بالاشخاص الذين يحملون فكرة الانتاج وان نمكنهم و نمنحهم الفرصة حتى و لو جاءوا من بادية او قرية او مخيم لا ان نحاربهم تحت مسميات متعدده قد تبدأ من التقليل من مستوى الجامعات التي درسوا بها و لا تنتهي بسجل عائلاتهم التي تخلوا من المناصب والالقاب.

التعليقات مغلقة.