صحيفة الكترونية اردنية شاملة

أسباب تدفع للتفاؤل

المؤشرات السابقة للأسف لم تلق حضوراً إيجابياً عند الغالبية من المواطنين، لا بل أبخسوها حقها من خلال التقليل من أهميتها على كل الأصعدة.

ليس من السهل أن تكتب شيئاً إيجابياً عن السياسة الاقتصادية الحكومية في الوقت الراهن، فمزاج الشارع العام غالبيته سلبي، والسوشيال ميديا جعلت العديد من المواطنين مختصين وخبراء في كل شيء.

ومزاج الشارع السيئ تجاه السياسات الاقتصادية الحكومية له ما يبرره، فالسياسات التراكمية على مدى الأعوام الماضية نكثت بعهودها في الوصول إلى معالجة التشوهات في الاقتصاد، فقد تعهدت بتخفيض العجز والمديونية وإزالة البيروقراطية القاتلة في جهاز القطاع العام وتحفيز الاقتصاد ومكافحة البطالة والفقر، إلا أن هذه النتائج كانت مخالفة لما حدث على أرض الواقع، فالمديونية زادت لأكثر من 31 مليار دينار أو ما نسبته 97 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وعجز الموازنة ارتفع إلى أكثر من ملياري دينار قبل المنح والمساعدات، والبطالة تتجاوز للمرة الأولى الـ19 بالمائة، وجيوب الفقر تضاعفت من 20 جيباً إلى أكثر من 31 جيباً في مختلف محافظات المملكة، والتدفقات الاستثمارية الأجنبية تراجعت لأكثر من 35 بالمائة خلال العام الماضي.

نعم هناك ما يبرر حالة الاستياء في الشارع، لكن لنأخذ الأمر من زاوية أخرى وهي باتجاه التفاؤل وليس المقصود هنا التفاؤل المفرط، وإنما تفاؤل حذر مبني على حراك اقتصادي بدأ البعض يتلمس آثاره لكن للأسف لم يعط حقه في التداول الإعلامي أو حتى من قبل الشارع لأسباب مختلفة، قد يكون أبرزها تنامي حالة النكران في نفوس الكثير من المواطنين، وسيطرة النظرة السوداوية على خطابهم واتجاهاتهم.

هناك أسباب كثيرة تدفعنا للتفاؤل اذا ما استمر الوضع على ما هو عليه واستثنينا أي تطورات سياسية إقليمية، فالحكومة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة اتخذت قرارات جريئة انعكست إيجابا على حركة ومؤشرات عدد من القطاعات الاقتصادية، بالتوازي مع إجراءات باتجاه تعزيز الأمن المعيشي للمواطنين الذين عانوا من تداعيات السياسات الاقتصادية التي اتبعت في الأعوام الماضية.

فهي المرة الأولى التي يتم فيها زيادة رواتب العاملين والمتقاعدين في القطاع العام بكلفة تقدر بحوالي 450 مليون دينار، ناهيك عن زيادات المتقاعدين والعاملين في الجهاز العسكري والتي بدأت في الأول من شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

والحكومة بدأت بإعادة تقييم قراراتها التي اتخذتها قبل عامين تقريبا، وعالجت التشوهات التي أدت إلى تراجع بعض القطاعات ومساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، كما حصل في قطاع السيارات والعقار، واستجابت بشكل واضح لوضع المؤسسات والهيئات المستقلة بخطوة جريئة في دمج 10 مؤسسات كخطوة إلى إزالة التشوه الحاصل في أداء القطاع العام، واتخذت قرارات مالية صعبة عليها في ظل الظروف والتحديات التي تعاني منها الموازنة من خلال الحوافز التي قدمت لعدد من القطاعات مثل الصناعة والتجارة والنقل، ومعالجة التشوهات الحاصلة، غير مسألة التعيينات في مختلف وظائف الدولة، وأخيرا المجازفة المالية باتخاذ قرار جريء بتخفيض ضريبة المبيعات على 76 سلعة أساسية، ولا ننسى قبل ذلك كله ضخ الضمان الاجتماعي في السوق ما يقارب الـ160 مليون دينار من خلال مخصصات التعطل عن العمل.

المؤشرات السابقة للأسف لم تلق حضوراً إيجابياً عند الغالبية من المواطنين، لا بل أبخسوها حقها من خلال التقليل من أهميتها على كل الأصعدة.

نعم الإجراءات السابقة تعد خطوات إيجابية للغاية، وهي طبعاً غير كافية لاستعادة ثقة الشارع، لكنها خطوة بالاتجاه الصحيح وتحتاج لضمها ضمن خطة اقتصادية شاملة، فأولى خطوات الإصلاح واستعادة الثقة هي خلق الانطباع الإيجابي في عقول ونفوس المواطنين من خلال تحرك اقتصادي إيجابي تجاه أنشطتهم ومعيشتهم.

[email protected]

(نقلاً عن الغد)‎

التعليقات مغلقة.