صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ما وراء قرار السعودية شن حرب “أسعار النفط”؟

كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عما جرى وراء كواليس قرار شركة “أرامكو” السعودية زيادة إمداداتها النفطية لعملائها داخل وخارج المملكة إلى 12.3 مليون برميل يوميا في أبريل.

ورجحت الصحيفة في تقرير نشرته أمس الثلاثاء، نقلا عن أشخاص منخرطين في المفاوضات داخل منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك”، وجود علاقة بين هذا القرار وجهود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الأخيرة لتعزيز حكمه الشخصي ونفوذه على الصعيد الدولي، وأوضح مستشار في الحكومة السعودية للصحيفة أن الحديث لا يدور عن مجرد مسألة نفطية، بل عن تنافس بين التطلعات الشخصية للأمير محمد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأشارت الصحيفة إلى أن مفاوضات قد جرت أوائل فبراير بين موسكو والرياض مع التركيز على إمكانية بناء تحالف أوسع وأطول أمدا بين الدولتين، وأكد أشخاص مطلعون على الموضوع أن أحد السيناريوهات المطروحة في تلك المفاوضات كان يقضي بتكثيف السعودية مساعيها الاستثمارية في روسيا ودعمها لجهود موسكو العسكرية في سوريا، لكن الأمير محمد قرر الامتناع عن إبرام هذه الصفقة تحسبا لضرر محتمل قد تجلبه إلى العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة، وأعقب ذلك بعد أسابيع تقارب بين روسيا وتركيا ورفض موسكو خطة “أوبك” لخفض مستوى الإنتاج.

ونقلت الصحيفة عن أشخاص مطلعين على مواقف ولي العهد السعودي بشأن المسألة قولهم إن الأمير محمد بن سلمان يرى في “حرب الأسعار” الحالية سبيلا لتثبيت نفوذه على سياسات النفط للمملكة كي يؤكد لأخيه الأكبر وزير الطاقة الأمير، عبد العزيز بن سلمان، قدرته على إخضاع روسيا للنفوذ السعودي في هذا المجال.

وأكدت مصادر الصحيفة أن الأمير محمد أجرى في ساعات متأخرة من الخميس الماضي مكالمة هاتفية مقتضبة مع الأمير عبد العزيز رفض فيها موقف أخيه الذي وافق على خفض مستوى الإنتاج مع “أوبك” لمدة ثلاثة أشهر ومدد القيود المقترحة حتى نهاية العام.

وأمر ولي العهد، حسب مصادر الصحيفة، وزير الطاقة بإجبار “أوبك” على تبني القرار، “حتى إذا كان ذلك يعني تقويض أي أمل في انضمام روسيا إليه”.

وفي السبت الماضي، أبلغ وزير الطاقة المسؤولين في “أرامكو” بقرار زيارة إمدادات النفط بأسعار منخفضة، فيما وصفه مسؤول سعودي رفيع المستوى للصحيفة بأنه قرار “إعلان حرب على بوتين”.

وفي غضون ساعات من ذلك، أوكلت إلى المسؤولين في وزارة المالية مهمة إعداد سيناريو ميزانية يقضي بهبوط أسعار خام برنت إلى 12-20 دولارا للبرميل، كما أوعزت الحكومة لجميع الوزارات بخفض مستوى إنفاقها استعدادا لهذا السيناريو.

وعلى الرغم من ذلك، أكد مستشارون ومسؤولون في الحكومة السعودية للصحيفة أن مفاوضات لا تزال مستمرة بين وزير الاستثمار الحالي ووزير الطاقة السعودي السابق خالد الفالح ووزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، بهدف مراجعة القيود على مستوى الإنتاج داخل مجموعة “أوبك +”، مشيرين إلى أنه إذا نجحت هذه المباحثات فإن المجموعة ستعقد في أبريل القادم اجتماعا طارئا، لكن متحدثا باسم وزارة الاستثمار السعودية نفى إجراء أي مشاورات بين الفالح ونوفاك.

وقال مسؤول سعودي للصحيفة إن قرار المملكة “أحرق” جميع مستثمري الطاقة الدوليين، مضيفا أن شركة “أرامكو” السعودية “لن تعود تبيع حصة إلى الأجانب مجددا”، لكن عددا من المسؤولين في قطاع النفط أكدوا صعوبة إدراك المنطق الذي يعتمد عليه القرار السعودي، وخاصة أنه يأتي على خلفية انخفاض الطلب من قبل أكبر مستورد للنفط في العالم، أي الصين، بسبب تفشي فيروس كورونا فيها.

وحذر محللون ومسؤولون في قطاع النفط، حسب الصحيفة، من أن الصراع الذي تخوضه السعودية من أجل الهيمنة في أسواق النفط قد يتيح لها زيادة حصتها في الأسواق العالمية على حساب روسيا والشركات الأمريكية المنافسة، غير أن ثمن “حرب الأسعار” هذه قد يكون فوق ما يمكن للسعودية تحمله.

وأعلنت وزارة المالية الروسية أن الموارد المتراكمة في البلاد تتيح لها تحمل وضع ستنخفض فيه أسعار النفط حتى 25-30 دولارا للبرميل على مدى عشر سنوات، فيما أكد مسؤولون في السعودية أن المملكة تحتاج إلى أسعار لا تقل عن 60 دولارا للبرميل من أجل ضمان توازن ميزانيتها الحكومية.

المصدر: وول ستريت جورنال

التعليقات مغلقة.