صحيفة الكترونية اردنية شاملة

هب أن رعايانا في الخارج رغبوا أو أرغموا على العودة

زيادة على ما تقدمه الدولة وباقتدار من جهود في مجابهة وباء “كورونا” على المستوى الداخلي، فلا بد من العلم أن معادلة المجابهة تلك لها عناصر ومؤثرات خارجية تتمثل بوجود أردنيين في دول العالم المختلفة، وتحديدا من الطلبة الدارسين هناك، أو العاملين في القطاع الخاص في تلك الدول.
وبافتراض بسيط، هب أن رعايانا في الخارج رغبوا أو أرغموا على العودة إلى الأردن، سواء ممن أنهوا دراستهم، أو ممن يرغبون باستكمالها هنا، أو أولئك الذين تقطعت بهم سبل العيش بعد أن أغلقت مؤسسات القطاع الخاص في تلك الدول أبوابها إثر الخسائر التي تلحق بهم جراء هذه الجائحة التي أنهكت اقتصادات دول عربية وأجنبية، فما الذي يمكن لنا أن نفعله حيال ذلك؟!.
عشرات الآلاف من الأردنيين قد نجدهم بين ليلة وضحاها على حدود المملكة بانتظار إذن الدخول إليها، ما يعني أننا أمام تحد جديد يتطلب من الدولة أن تحاول وضع خطة طوارئ مبدئية من أجل مواجهة احتمالات قادمة، أو أن يكون لدينا تصور لأهمية الاستعداد للتعامل مع أي طارئ قد يحدث.
وهنا يبرز أيضا دور المواطن الذي يجب عليه أن يساعد الدولة في معركتها ضد الوباء، حتى تتم عملية التخلص منه بأسرع وقت ممكن، ما يساعد الحكومة على التفكير فيما بعد ذلك من خطوات تأتي تاليا في الأولوية.
في إيطاليا؛ يقول أحد الأصدقاء إن سعر الكمامة وصل إلى 100 دولار. ويبين أن هذه ليست المشكلة الوحيدة التي تواجهه، إذ أن الأولوية هناك لأبناء البلد، فالتمييز بات واضحا نتيجة تفشي الوباء وفقدان السيطرة عليه ونقص التجهيزات الطبية، فبات القطاع الصحي فيها على وشك الانهيار التام، وفتح الباب أمام مفهوم “طب الحروب” الذي يمنح أولوية العلاج للأبقى. حتى أن الصديق يوضح أن التمييز طال أيضا الطبقات الاجتماعية لأبناء الجنسية الإيطالية ذاتها.
وفي أميركا وبريطانيا، لا يختلف الأمر كثيرا، فالتضحية تطال أيضا كبار السن على اعتبار أن أولوية العلاج هي لفئات عمرية محددة. هذا يعني أن الدول عندما يزيد عدد المصابين فيها ستلجأ إلى تحديد أولويات العلاج، وهي بلا شك ستكون لمواطنيها.
ربما سنكون في غضون شهر أو اثنين مضطرين لاستقبال الأردنيين من الخارج، فهل يمكننا التنبؤ بالدول القادمين منها، وهل نحن جاهزون لتحديد آلية دخولهم إلى البلد؛ برا، بحرا، أم جوا، وهل نحجر عليهم، وإن كان كذلك، فأين وكيف؟ وهل أجهزتنا في المعابر الحدودية مهيأة وجاهزة لإجراء الفحوص لكل هؤلاء، أي هل لدينا ما يكفي من الفحوصات القادرة على تغطية هذه الأعداد؟ وهل لدينا قوائم بالأعداد حسب البلدان، وهل نستطيع أن نستقرئ من الأرقام العالمية أي الدول ستكون سبّاقة في تسريح رعايانا.
لا يضير الحكومة أن كل ذلك ليس في حسبانها الآن، فمعركتها الحقيقية في الوقت الراهن تتمثل في لجم الوباء داخليا ومنع انتشاره، وتوعية الناس بخطورته وفتح آفاق مخيلتهم لما حل بدول تعاملت مع المسألة بتهاون واستهتار، ففقدت تلك الدول بوصلتها وعانى شعبها الأمرين من نقص في العلاج والخدمات الصحية، وهو أخطر ما قد تصل إليه أي دولة، وحسنا تفعل الدولة بالتركيز على هذا الجانب.
نرجو أن لا نصل إلى مرحلة يضطر فيها الأردنيون بالخارج للعودة إلى الوطن، فالحديث عن كل ذلك مبكر جدا، وليس المطلوب من الحكومة الآن أن تحمل عصا سحرية وتجد حلا لكل الصعوبات والتحديات، فما تحققه حتى اليوم أمر بطولي ويفوق جميع الإمكانيات إذا ما قورن بما حققته دول أكبر منا وأقوى وأعظم، لكن من المهم الآن أن نمتلك تصورا مبدئيا يساعدنا على مواجهة احتمالات المستقبل، خصوصا إذا ما امتدت تأثيرات الوباء عالميا على الشكل الذي هي عليه اليوم. بالتأكيد نحتاج إلى وجود تصور مبدئي، حتى ولو كان على الورق فقط.

التعليقات مغلقة.