صحيفة الكترونية اردنية شاملة

التّعليم عن بُعد ما له و ما عليه

نحن نعلم أن الظروف القاهرة التي يحياها بلدنا الأردن أدت إلى الذهاب إلى التعليم عن بعد، و في هذا الباب تم اجتهاد جميع الجهات وبمستويات مختلفة ،الرسمية منها و غير الرسمية، لإتمام المهمة وإنهاء العام الدراسي بأكبر قدر من الفائدة ،و ممّا لا شك فيه ان لهذا النوع من التعليم فوائد جمّة لمسنا منها : سهولة وصول المعلومة ، و خلق جيل باحث عن المعرفة ، و إعطاء المتعلم حرية التوقيت بالدراسة ، بالإضافة إلى إمكانية إعادة الدرس لعدة مرات مما يراعي الفروق الفردية ، و لكن فكرة أن يكون هذا النوع من التعلم بديلاً عن التعليم الاعتيادي في المدرسة كما يطرح البعض، فكرة يعتريها النقص، لأن التعليم الاعتيادي – خاصة الإلزامي منه – يشمل نواحي متعددة إلى جانب الجوانب المعرفية.

ففي حين أن التعليم عن بعد ، يركز على بعض الجوانب المعرفية و ليس كلها ، إلا أنه يغفل جميع الجوانب الشخصية و الاجتماعية و المهارية . فالدّارس لنظرية الذكاءات المتعددة، يعلم علم اليقين أن التعليم المُنتَظم في المدارس يكشف عن وجود ذكاءات ، كالذكاء اللغوي و المنطقي ،و الذكاء البصري /المكاني ، و الذكاء الموسيقي و الذكاء الجسمي / العضلي , و الذكاء الشخصي و الذكاء الاجتماعي و الحركي ,و الذكاء الطّبيعي و الذكاء التّجريدي و الذكاء المعرفي ،و هذه الأنواع جميعها موجودة لدى كل فرد من الطلبة بتفاوُت و حسب الفروق الفردية من شخص لآخر، و تتم تنميتها جميعاً في المدرسة من خلال العملية التعليمية بما تحويه من أنشطة لا صفية و اجتماعية و غيرها ، بالإضافة إلى استخدام الأدوات التكنولوجية و التي تنمي جوانب الخيال و غيره لدى الطلبة ، فالتعليم عن بعد يُفقد الطالب القدرة على اكتساب أجزاء كبيرة من هذه الذكاءات ، و التي تعمل معاً على بناء شخصية الطالب ، شخصية سوية قادرة على خوض غمار الحياة .

و من جانب آخر فإن هذا النوع من التعليم ،فرض على الآباء و الأمهات إلتزامات قد لا يستطيعون الإلتزام بها، و هي لعب دور المعلم و المساعد و الحاضنة، و قد يكون الحجر الصحي ، و عدم توجه الأب أو الأم أو كلاهما للعمل قد ساعد الآباء و الأمهات على النجاح في لعب هذا الدور في الفترة السابقة ، إلا أن هذا الدور لن يكون ناجحاً أو حلاً ناجحاً في حال عادت الحياة إلى طبيعتها و ذهاب الأبوان للعمل – كما معظم أولياء الأمور – فمن سيُجالس الأبناء في فترات العمل ؟ و هل سيتمكن الأبوان من لعب دور المعلم و المرشد و الموجه ضمن وجود عمل يستهلك جلّ الوقت ؟

أعتقد أن الأمر لن يكون بتلك السهولة ، من جانب آخر فإن قطاعات كثيرة ستتضرر في حال إقرار هذا النظام، واعتماده كبديل أو كمُرادف نشط لعملية التعليم ، وأهمها قطاع المعلمين ، فالشّاهد على تجربة موقع وزارة التربية و التعليم ( درسَك) فإن مُعلّماً واحداً على سبيل المثال قام بشرح مادة الرياضيات للصف التوجيهي العلمي ، و حلّ محل مئات المعلمين الذين كانوا يؤدّون نفس الدور في الغرف الصفية ، لذا فبالإمكان اختزال هذا الفريق الذي يضم عشرات الآلاف إلى فريق قد لا يتجاوز أصابع اليدين لكل صف أو مرحلة !!!

ناهيك عن القرار الصعب للمدارس الخاصة، و التي تنتظر قراراً ببدء العام الدراسي في وقته، وذلك لأن هناك قائمة من القرارات المُؤجلة و التي تنتظر إعلانها ، ومنها : تعيين الكوادر الدراسية و الإدارية و منها طلبيّات المكتب و الزي المدرسي و المختبرات و منها …. و منها …. …..مجموعة كبيرة من القرارات موقوفة الآن و يصعب اتخاذها ضمن هُلامية الرؤيا للعام القادم

التعليقات مغلقة.