صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الأردن.. واستثمار «فائض الثقة» الدولية بقلم: عدنان كريمة

تمكن الأردن من استثمار «فائض الثقة» الدولية به، بنجاحه الكبير في إصداره سندات دولية بقيمة 1.75 مليار دولار، إذ فاقت طلبات الاكتتاب عروضاً بقيمة 6.20 مليار دولار، تقدمت بها نحو 200 مؤسسة وشركة استثمارية كبرى (35% منها أميركية و25% بريطانية).. حتى أن سعر الفائدة المنخفض، وفر لخزينة الدولة مبالغ كبيرة، بما يساعد المملكة على إدارة خدمة ديونها، ويساهم بدعم استقرارها المالي والنقدي.
وقد حدث ذلك في وقت يتجه فيه الأردن نحو ضائقة اقتصادية، هي الأشد منذ الأزمة المالية التي تعرض لها في عام 1989، إثر الانهيار الكبير لسعر صرف الدينار مقابل الدولار الأميركي، مع العلم أن برامج صندوق النقد الدولي التي طبقت في السنوات الماضية، لم تحقق أهدافها المرجوة، لعدم توافر سياسات اقتصادية ذات بعد تنموي، فالبطالة ارتفعت إلى 19%، ونسبة الفقر تجاوزت 15%، وكذلك تراجعت معدلات النمو الاقتصادي، وخلافاً لتوقعات الصندوق بتسجيل نمو 2.1% خلال العام الحالي، ينتظر أن يسجل انكماشاً بنسبة 3.4%، متأثراً بأضرار تداعيات جائحة فيروس كورونا.
وبما أن الأردن يقع في منطقة «عالية المخاطر»، فقد تحمل الكثير من التداعيات السلبية الناتجة من الاضطرابات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، التي تشهدها بعض دول المنطقة، خصوصاً سوريا والعراق، باعتبارهما البلدين الأكثر تأثيراً على حياة الأردنيين نتيجة الترابط الكبير بين البلدان الثلاثة، لكنه تمكن بكل مرونة، من تجاوز بعض النتائج السلبية، بفضل عوامل عدة، أهمها المساعدات الخارجية الاستثنائية التي تلقاها من الدول الشقيقة والصديقة، ورغم ذلك، فهو يعاني منذ عدة سنوات من عجز مالي في موازناته، وعندما أقر مجلس النواب موازنة العام الحالي، تضمنت عجزاً بقيمة 1.6 مليار دولار، ثم ارتفع إلى 3.5 مليار، بسسب تداعيات كورونا.
وإذا كان «الحيز المالي» يعكس قدرة الحكومة على اتخاذ قرارات دون تعريض السياسة المالية لخطر عدم الوصول إلى الأسواق المالية، والمحافظة على الاستقرار المالي قدر المستطاع، فإن ارتفاع عجز الموازنة والمديونية، يحد من «الحيز المالي» ويكبل قدرة السياسة المالية على التدخل بقوة، وقد أثار قول وزير المالية محمد العسعس: «إن الحكومة مقبلة على إجراءات مالية صعبة»، مخاوف الشارع الأردني، الذي فسر ذلك بفرض المزيد من الضرائب والرسوم، في الوقت الذي انحدرت فيه مستويات المعيشة بسبب الغلاء الذي تشهده البلاد، وتشير الأرقام إلى أن إجمالي التمويل المطلوب لتغطية عجز الموازنة وتسديد أقساط القروض الخارجية والداخلية، إضافة إلى تسديد الالتزامات المتأخرة المترتبة على الدولة يبلغ 6.11 مليار دينار (8.55 مليار دولار)، أما المصادر التي يعتمد عليها الأردن لتوفير هذا المبلغ، فتتمثل بقروض داخلية وقروض من مؤسسات التمويل الدولية، منها صندوق النقد الذي وافق على برنامج إصلاح اقتصادي جديد بقيمة 1.3 مليار دولار، ومساعدات اقتصادية وأمنية من الولايات المتحدة بقيمة 1.27 مليار دولار، إضافة إلى قروض ومساعدات أوروبية وعربية، لا سيما المتوافق عليها مع بعض دول الخليج (السعودية والكويت والإمارات).
وفي ضوء التطورات المرتقبة، يراهن الأردن على استقرار إقليمي، ويتطلع إلى قدرته على استثمار «فائض الثقة» به، كونه وجهة آمنة ومستقرة لإقامة الاستثمارات، خصوصاً أن الحكومة تركز على خطط لتنفيذ سلسلة مشاريع كبيرة باستثمار مشترك بين القطاعين العام والخاص، وهناك استثمارات خليجية في كافة القطاعات الإنتاجية والخدمية، يمكن مضاعفتها لتساهم بدعم الاقتصاد الوطني.الاتحاد

*كاتب لبناني

التعليقات مغلقة.