صحيفة الكترونية اردنية شاملة

قطاع السياحة العالمي يدفع فاتورة باهظة

دفعت السياحة العالمية فاتورة باهظة بفعل الأزمة الصحية الراهنة التي جعلت الوجهات العالمية بلا زوار.
وتحاول مدينة مونتريال الكندية التكيف مع تبعات وباء كورونا الذي حرمها من الزوار الأجانب وأدى إلى إلغاء سباقها في الفورمولا واحد ومهرجاناتها المعروفة عالميا، بهدف إنقاذ الموسم الصيفي الحالي غير أن الأضرار تبدو فادحة.
ويقول سام نيمور وهو مالك متجر للقطع الفنية في الحي القديم في المدينة الكندية، لـ”الفرنسية” “انظروا إلى الشرفات هنا، كلها فارغة. الأمر لا يصدق”، موجها ناظريه إلى جيرانه في ساحة جاك كارتييه.
وقد توافد على متجر نيمور خلال أربعة عقود سياح كثر بينهم شخصيات عالمية من أمثال الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون ورئيس فرنسا السابق جاك شيراك. لكن في هذا اليوم الصيفي الحار، لا يزال المكان مقفرا بعد أكثر من ثلاث ساعات على فتح أبوابه.
وتستقطب المدينة الكندية الكبرى في العادة نحو 11 مليون سائح سنويا، بينهم 80 في المائة من خارج مقاطعة كيبيك. وينفق هؤلاء ما يزيد على أربعة مليارات دولار كندي (نحو ثلاثة مليارات دولار أمريكي)، وفق رئيس هيئة السياحة في مونتريال إيف لالوميير.
غير أن المدينة دفعت فاتورة باهظة بفعل الأزمة الصحية الراهنة إذ استحوذت مع ضواحيها على نصف الوفيات المسجلة في كندا جراء كوفيد – 19 البالغة نحو تسعة آلاف حالة.
وأدى ذلك إلى إلغاء كل الأنشطة الثقافية الكبرى التي تستقطب سنويا مئات آلاف الزوار، بينها مهرجان الجاز وهو الأكبر من نوعه في العالم.
وطاول المصير عينه عشرات المؤتمرات من الأنواع شتى التي تشكل مونتريال وجهتها الأولى في أمريكا الشمالية، وأيضا رحلات الاستجمام في نهر سان لوران.
ويتوقع لالوميير أن تستقطب مونتريال هذا العام “مليون سائح كحد أقصى”، مشيرا إلى أن الأزمة الصحية ستبدد “90 في المائة من العائدات” المتوقعة أساسا.
ويغيب السياح الأجانب، بينهم الأمريكيون والفرنسيون، عن شوارع مونتريال في ظل فرض حجر صحي لأربعة عشر يوما فور وصولهم إلى كندا.
ويقول نيمور الذي يستحوذ السياح الفرنسيون على نصف إيرادات متجره “الحي القديم يفتقر للحياة هذا العام. مونتريال تعاني كثيرا”.
وتؤكد نادية بيلودو وهي مديرة مطعم إيطالي مجاور أن “ساحة جاك كارتييه تعج في العادة بالناس صيفا وتصعب رؤية الأرض بسبب كثرة الزوار في الموقع”. لكن في هذا الصيف، “بتنا أمام مدينة أشباح صغيرة”.
ولا يزال التجار قادرين بصعوبة على الصمود حتى اللحظة بفضل المساعدات الحكومية.
وينسحب التراجع في أعداد الزوار على الآتين أيضا من المناطق المجاورة. ويقول أستاذ الدراسات الحضرية والسياحية في كيبيك ميشال أرشامبو “سكان كيبيك يخافون المجيء إلى مونتريال”.
ويوضح فوستر فريزن وهو سائح أتى من تورنتو لتمضية ساعات قليلة في المدينة “لم أر يوما مونتريال فارغة هكذا”.
يطغى المشهد الكئيب عينه على وسط المدينة الذي هجره العاملون في الأبراج المكتبية البالغ عددهم 400 ألف شخص في منتصف آذار (مارس). ويواصل أكثرية هؤلاء نشاطهم من المنزل فيما لم يعد سوى 5 في المائة منهم إلى المكاتب بعد الرفع الجزئي للقيود، وفق غرفة التجارة في مونتريال.
ويدفع القطاع السياحي فاتورة باهظة جراء هذا الوضع. ففي الفنادق الكبرى، لا تتعدى نسبة الإشغال الـ10 في المائة منذ منتصف آذار (مارس)، وفق رئيسة اتحاد الفنادق في مونتريال الكبرى.
وتشير إلى أن نسبة الأرباح الفائتة في الفنادق البالغ عددها نحو 100 في الاتحاد، تبلغ “95 في المائة”.
غير أن قلب مونتريال لا يزال ينبض بالاحتفالات في الأحياء السكنية بضواحي المدينة. وقد جرى تحويل عشرات الكيلومترات من الشوارع التجارية إلى مناطق للمشاة مع إقامة شرفات وملاعب للكبار والصغار.
كذلك تستثمر المدينة 400 ألف دولار لتشجيع سكان مونتريال على العودة إلى وسط المدينة من خلال إعادة تصميم سبع ساحات كبرى أو شرفات عامة لتحويلها مساحات للترفيه مع مائتي عرض فني عفوي ستقدم حتى منتصف تشرين الأول (أكتوبر).
غير أن الأوان قد فات في نظر البعض. ويقول أرشامبو “هذا ليس سوى قطرة ماء في المحيط”.
وفي ظل تدابير مكافحة وباء كوفيد – 19 في بريطانيا، بينها خصوصا الحجر الصحي على الوافدين من إسبانيا، اختار بريطانيون كثر تمضية إجازاتهم الصيفية في دولهم، ما يثير ارتياحا لدى الأخصائيين في السياحة.
فبعد أشهر من الحجر المنزلي بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، لم يكن العاملون في القطاع السياحي، سواء الفنادق أو مواقع التخييم أو المطاعم، يعلقون آمالا كبيرة على الموسم الصيفي هذا العام، بحسب “الفرنسية”. وتأخر الإذن باستئنافهم العمل حتى تموز (يوليو)، كما أن التقلبات الجوية لم تفتح شهية الزوار الأجانب على المجيء.
ويستأنف القطاع نشاطه ببطء. ففي باث (جنوب غرب) المعروفة بينابيع المياه الساخنة العائدة للحقبة الرومانية، كان بعض السياح على الموعد، في مشهد لا يشبه البتة الوضع في العادة في المدينة التي تستقطب سنويا ستة ملايين زائر في الأوضاع العادية.
ويقول ماركوس بارنز من أمام متجره للتذكارات السياحية “نشاطنا الراهن لا يوازي ربع ما نحققه في الأوضاع العادية. أظن أن النسبة لا تتعدى 2 في المائة أو 3 في المائة”.
أما السياح القلائل في المدينة فيبدون غير منزعجين من الوضع. ويقول سيران فولي المقيم في ضواحي لندن “نرى اهتماما بنظافة الفنادق والتزاما بالتباعد الجسدي”.
ويعرف البريطانيون بميلهم إلى الانتظار حتى اللحظات الأخيرة لترتيب إجازاتهم أو تمضية العطل في السياحة الداخلية. وتكيفت سلطات باث مع المعطى الصحي الجديد عبر الحد من حجم المجموعات التي تزور المدينة على سبيل المثال.
ويقول ستيفن بيرد من البلدية “نظن أننا قادرون على استعادة توازن ما مع استقطاب عدد أقل من الناس الذين يمضون في المقابل فترات أطول”.
ويلاحظ الأخصائيون في القطاع من ناحيتهم أثرا فوريا لقرار الحكومة قبل أسبوع فرض حجر صحي على المسافرين الآتين من إسبانيا، وجهة البريطانيين المفضلة. وقد يطاول القرار دولا أخرى لاحقا، ما قد يلجم رغبة كثيرين في السفر إلى الخارج.
وتوضح جاين بندلبوري وهي مديرة عامة لجمعية متخصصة في قطاع الفنادق، أن “تمضية الإجازة في بريطانيا يجنب كثير من المخاطر. قد يؤدي ذلك بطبيعة الحال إلى ازدياد حالات العدوى المحلية، غير أن القيود المفروضة أقل تشددا بكثير مقارنة بتلك الخاصة بالعائدين من الخارج”.
وتقول “حتى لو كنا غير قادرين على توفير الظروف المناخية عينها الموجودة في جزر البليار أو الكناري، يمكننا توفير استقبال رائع، لكن مع اتخاذ التدابير الاحترازية المطلوبة”. وقررت شركة “توي” للرحلات السياحية إلغاء كل عروضها للرحلات إلى البر الإسباني الرئيس حتى التاسع من آب (أغسطس).
في المقابل، يسجل إقبال متزايد على أنشطة التخييم منذ الإعلان عن الحجر الصحي على العائدين من إسبانيا قبل أسبوع.
ويسجل المنحى عينه في موقع “سكايكس هوليداي كوتدجز” لحجوزات منازل العطلات. وقال المدير العام للموقع جراهام دونوهيو لهيئة “بي بي سي” إن “الإعلان عن قيود السفر على إسبانيا انعكست ارتفاعا في الحجوزات 53 في المائة مقارنة بالعام الماضي”.
ومنذ مطلع تموز (يوليو)، سجلت مجموعة “وايتبريد” المالكة لسلسلة فنادق “بريميير إن” ارتفاعا قويا في الطلب على المناطق السياحية البريطانية خلال الصيف.
لكن حتى مع بقاء مزيد من البريطانيين في بلدهم خلال العطلة، فإن ذلك ليس كافيا لإنقاذ القطاع السياحي الذي يطلب العاملون فيه مساعدة الحكومة لاجتياز الأزمة.
وتشير هيئة “فيزيت بريتن” المعنية بالترويج للسياحة في بريطانيا، إلى أن عدد السياح الأجانب قد يتراجع 60 في المائة عام 2020 بسبب تبعات جائحة كوفيد – 19.
وحذرت المعارضة العمالية من أزمة على صعيد الوظائف، في ظل التسارع الكبير في نسبة البطالة خصوصا في المناطق التي تعتمد بشكل رئيس على السياحة مثل كورنوال (جنوب غرب) ويوركشير (شمال).

التعليقات مغلقة.