صحيفة الكترونية اردنية شاملة

يوميات مدير مدرسة حلقة (15)

يا الله وأخيراً افتتحت المدارس أبوابها، وها هم طلبتنا يتوافدون إليها بعد عطلة طالت وأيام قد ذهبت هكذا بدون استغلال بسبب هذا المرض اللعين –الكورونا- الذي حبسنا في منازلنا وأبعدنا عن أحبتنا وطلبتنا .

ها هي المدرسة تعود من جديد، أطفال وطلبة ومعلمين، ها هي الصفوف تعود للإحتفال بساكنيها فقد ملّت الإنتظار، وملّت من البقاء وحيدة خالية بدون أنيس ولأجل ذلم فقد قمنا بإعداد العدة لحماية طلبتنا من المرض وتدريب معلميهم وتدريبهم على أصول الوقاية.

وأعددنا كل العدة في الصفوف وفي الساحات للحفاظ على الطلبة من حيث التباعد وغيره وها هو يومنا الأول يأتي ونستقبله بشوق كبير، توجهت إلى المدرسة من الساعة السادسة صباحاً لأتفقدها ، قدت سيارتي بلهفة المشتاق وتوجهت لأشرف على مدى جاهزية الصفوف والساحات .

وبعد أن تأكدت من الجاهزية التامة لكل شيء كان الوقت قد شارف على السابعة والربع صباحاً وقد بدأ أحبائنا الطلبة بالتوافد للمدرسة….

توجهت إلى مكتبي لإعداد بعض الأوراق ولم ألبث أن جلست وإذ بباب المكتب يقرع… 

– تفضل من بالباب ؟

ويدخل أحد أولياء الأمور ،،،،

– دكتور والله إني مشتاقلك جداً وحبيت أكون أول واحد بباركلك بالعام الجديد “وهرع نحوي وهو يفتح ذراعيه هاماً بتقبيلي وإحتضاني”.

– أبا معتز، وحدّ الله، تباعد… كورونا!!!

– يا رجل أي كورونا والله لأبوسك ملعون ابوالكورونا ….

– لا يا رجل أنا بطبق بروتوكول صحي ممنوع نسلم أو نتعانق أو نقبل بعض!!

– يا رجل هذاكله من اليهود إنسى وتعال!!

– أبو معتز أرجوك…

– له يا دكتور مش متنازل تسلم علي! له له له…

– لا والله يا حبيبي، بس ضروري إذا بدنا نحافظ على أولادنا ونحافظ على الدوام بمدارسنا إنه نطبق البروتوكول ونغير شوي من عاداتنا وتقاليدنا!!

– مش حكيتلك هاي كلها من الإستعمار بدهم يهدموا ثقافتنا ويباعدوا ما بينا ويبطل الأخو يسلم على أخوه أو يصبح عليه يا رجل غزونا لكل شي أفكارنا عاداتنا ديننا،،،

– لا يا عزيزي، الموضوع مش هيك!! على كل حال يسعد صباحك ونهارك سعيد…

– يعني حلقتلي بسرعة…

– لا والله بس لأنه أول يوم وعلينا ضغط عمل.

– ماشي، ماشي، طب خود هاي ، “مواه” “ويرسل لي قبلة بالهواء” .. شفت وهي بوسه عن بعد متل ما بدك ههههه.

بعد مغادرة صديقي أبو معتز لم تلبث السكرتيره أن ترن هاتفي…

– دكتور..

– نعم.

– هناك ولي أمر معصب كتير ومصر يشوفك!

– إنتِ ليش متأخرة عن الدوام…

– دكتور أزمة مواصلات!!

– انتِ مش عارفة إنه اليوم أول يوم دوام ولازم يكون أزمه… على كل حسابك بعدين، اكتبي لحالك استجواب وردي عليه وحطيه بالبريد.

– حاضر دكتور…

– دخلي الزلمة المعصب.

ويدخل ولي الأمر ووجهه محمر من الغضب!!

– الله أكبر يا دكتور، وَلْ، هو إحنا ولاد صغار… أنا الدكتور سميح ينحكالي وقف اقيس حرارتك وَلْ عليك يا دنيا خليت اللي بسوى واللي ما بسوى يتحكم فينا…

– طول بالك دكتور، مالك!! مين مزعلك!!

– أنا وبعد هالعمر توقف صبيه بجيل بناتي لا والله بجيل أحفادي الصغار تقولي وقف أقيس حرارتك قبل ما تدخل المدرسة، ليش هو أنا داخل غرفة عمليات.

– هذا السبب هو اللي مزعلك، يا رجل لازم تفرح وتنبسط إنه أولادك بأيدي أمينه، ما إنت عارف إنه (الكورونا) منتشر وإحنا بنحاول نحافظ على طلبتنا من خلال…

– يا رجل ما بيصير أنا ما معي كورونا

– طب انت ليش زعلان شو اللي بزعلك بالإجراء؟!

– بالله عليك بترضاها لأمك أو لأبوك ياخدوا حرارتهم على كل باب .

– آه والله برضاها بالعكس بنبسط كتير لو حد عمل هيك.

– والله يا دكتور عيب عليكم فعلاً إنكم ما بتستحوا على كل أنا رح أسحب ولادي وأحفادي وأحفاد أحفادي من المدرسة…

– متل ما بدك.”وغادر مكتبي وقد ازداد غضباً!”

-احفاد أحفاده يا دكتور كيف عندك أحفاد أحفاد ؟؟

ورن الهاتف مرة أخرى…

– دكتور..

– تفضلي!!

– هناك ولية أمر ترغب بمقابلتك…

– كتبتي الإستجواب لحالك ؟!

– لسه دكتور!!

– طب اكتبي كمان استجواب لأنك تأخرتي بالإستجواب الأول ودخلي السيدة…

– حاضر دكتور!!

وتدخل سيدة تبدو سيم التوتر عليها….

– دكتور مشان الله طمني، دكتور يعني لو داوموا ولادنا ما بيصيبهم كورونا!!، يا دكتور والله إني خايفة كتير عليهم، ما بنام الليل وطول وقتي حاملة المعقم ولابسة الكمامة حتى إني بنام فيها، شو أعمل، إوعدني انه ما يمرضوا… اوعدوني… اوعدوني دكتور…

– انتِ بتحكي جد!!

– طبعاً!

– يعني إنتِ بتنامي بالكمامة؟!

– آه والله ورحمه بابا!!

– إنتِ أبوكِ ميت ربنا يرحمه، كيف مات إن شاء الله مش بالكورونا!!

– لا والله مات جلطة للأسف

-مين جلطه ؟ انت ؟

-دكتور !! طبعا لا ؟

– رحمة الله عليه، طيب إنتِ إنسانة ذكية، وهذا (الكورونا) فايروس منتشر بالجو، لازم نتعايش معه وما بنفع نعمل هيك، يعني كيف بدي أوعدك أنه أولادك ما يمرضوا؟! أنا بوعدك آخذ كل الإحتياطات والإتكال على الله، وكلي أمرك لله ووعي اولادك وإن شاء الله ربنا اللي بيحمي!!

– يعني بتوعدني إنهم ما يمروضوا؟َ! اوعدني أرجوك يا دكتور…

– “تأملت في الأم المنهارة حزنت كثيراً على حالتها وخوفها المبالغ فيه على أبنائها” وقلت لها: توكلي على الله…

شكرتني كثيراً وغادرت مكتبي… أمسكت سماعة الهاتف وطلبت السكرتيرة…

– هل هنالك من يريد مقابلتي؟!

– نعم كثيرون…

– اعتذري من الجميع، أريد أن أتفقد أحبتي الطلبة ،،،،وهل كتبتي الإستجوابات ؟!

– لا دكتور اعذرني…

– اذن ضيفي كمان استجواب ثالث وجاوبي عليه ودخليه مع البريد!..

التعليقات مغلقة.