صحيفة الكترونية اردنية شاملة

كورونا.. قبل أن نفقد السيطرة

قبل يومين من تسجيل رقم قياسي جديد بعدد الإصابات بفيروس كورونا، كان وزير الصحة مرتاحا للمعدل العام الذي تراوح بين الخمسين والسبعين حالة، وبعد أن تجاوز العدد المئتي إصابة يوم الجمعة، اعرب مرة أخرى عن عدم قلقه.
لجنة الأوبئة بدت مدركة أكثر لخطورة الحالة المتصاعدة في أعداد المصابين، وأعلن الناطق باسمها الدكتور نذير عبيدات عن دخول البلاد رسميا مرحلة التفشي المجتمعي، وهي اخطر مراحل الفيروس.
في الحالتين الاستراتيجية المعتمدة ليست مرشحة للتغيير أو التعديل الجوهري. الحكومة اتخذت قراراها بعدم العودة للحظر الشامل والإغلاق لقطاعات اقتصادية حيوية، حتى المدارس ستبقى مفتوحة باستثناء تلك التي تسجل إصابات.
القرار هو بالمواجهة المفتوحة مع الفيروس في الميدان، والاستعداد لتحمل النتائج مهما كانت.
هل نصمد أمام هذا التحدي؟
بعد أن كسرنا حاجز المئتي إصابة من المرجح أن تزيد أعداد الاصابات وتتضاعف يوما بعد يوم، كما الحال في دول مجاورة وأخرى بعيدة. ومع اقتراب فصل الخريف نهاية الشهر الحالي، ودخول اجواء الشتاء ستشدد موجة الإنفلونزا الموسمية وأزمة كورونا، وقد نعجز فعليا عن إحصاء الاصابات المسجلة، خاصة أننا نتجه لتبني خيار الحجر المنزلي للاصابات الطفيفة.
ورغم احجام الحكومة عن الإفصاح فإن توقعات عدد من المسؤولين تفيد بنية الحكومة تعطيل المدارس والانتقال إلى نظام التعليم عن بعد مع بدء موسم الشتاء. وربما يطال القرار أيضا الجامعات.
لكن في العموم يبدو أننا ندخل المرحلة الأخطر في مواجهة الفيروس دون تصور شامل وخطة مدروسة. القول إننا لن نغلق الأسواق والقطاعات الاقتصادية وسنواصل العمل في كل الميادين بالاعتماد على الأدوات نفسها المتبعة حاليا لاحتواء التفشي لايعد خطة حقيقية. وما أخشاه أننا سنرتبك وتنقاذف التهم بعد مرحلة نفقد السيطرة فيها على الوباء.
خذوا حال المستشفيات مثلا، ففي أقل من أسبوعين على تزايد أعداد الاصابات، سجلت عشرات الحالات بين الكوادر الصحية، وخرجت مستشفيات وأقسام طبية من الخدمة، في ظل قدرات طبية محدودة أصلا، فماذا لو تفاقمت الحالة وتعطلت الخدمة الطبية في القطاع العام؟!
أما التوجه لخيار العزل المنزلي، فعلى الرغم من سلامة الفكرة واعتمادها على نطاق عالمي واسع، إلا أننا لم نهيىء الرأي العام الأردني لها جيدا، وعندما لجأنا لتطبيق فكرة العزل لبنايات المصابين لم يكن أمامنا من خيار سوى إقامة نقطة أمنية أمام كل بناية تحسبا من عدم الالتزام.
الانتقال من استراتيجية الحماية الرسمية إلى المسؤولية المجتمعية والتشاركية يحتاج لمرحلة انتقالية لتهيئة المجتمع لتحمل مسؤولياته. تذكروا أننا ولأشهر طويلة تكفلت مؤسسات الدولة بتوفير الرعاية لجميع الفئات، دون التفكير بتكريس سياسة الاعتماد على الذات ولو بشكل جزئي.
منذ اليوم نستطيع أن نتوقع طبيعة النقاش المنتظر بعد أسابيع في حال تضاعفت أعداد المصابين وارتفعت الوفيات وخرجت الأزمة عن السيطرة. حملة من التلاوم لاتنتهي، واتهامات في كل الاتجاهات.
لتجنب هذه الحالة يتعين على الحكومة أن تخرج للناس بمصفوفة جديدة غير تلك التي تبنتها وذهبت أدراج الرياح.

الغد

التعليقات مغلقة.